تفسير الآية سورة آل عمران (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ).


السؤال
السؤال: نحب أن نسأل فضيلتكم عن تفسير قول اللهِ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى- في سورة آل عمران: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ).
الاحابة
الجواب:  بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلاةِ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وأصَحْابِهِ أَجْمَعِينَ .لمَّا ذكر اللهُ في هذه السورة؛ سورة آل عمران أخبار اليهود والنصارى وتعنتاتهم على أنبيائهم؛ وفي الأخير كفرهم بمحمدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خاتم النبيين وأمام المرسلين، قال اللهُ - سُبْحَانَهُ – في: هذه الآية (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ) أي أن لهم أجلٌ ينتظرهم، لا يخرجون عنه، وينقلون بعده إلى جزاءهم في الدار الاخرة، على ما قدموا من كفرٍ وتكذيبٍ وأمورٍ فظيعة فإنهم ليسوا بمفلتين، بل لهم موعدٌ ينتظرهم لابد منه، (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ)، فلا يخرج عن هذا أحدٌ من المخلوقين . (وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ) يعني نجا، وليس هذا بدعاوى اليهود والنصارى وأنهم شعب الله المختار وأنهم هم أهل الإيمان، وأن من عداهم ليسوا على شئ، فهذه تمنيات تزول في هذا اليوم، حينما تواجه كلُّ نفسٍ ما قدمت! وتتمنى الرجوع إلى الدنيا وإصلاح ما فات ولكن لا تُمكَّن من ذلك، وإنما هو الجزاء، فدار الدنيا عملٌ ولا جزاء، وأمَّا الدار الاخرة فهى جزاءٌ ولاعمل.(وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ)، (فَمَنْ زُحْزِحَ) أي أبعدَ عن النار، (وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ) يعني نجا .(وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ) تغرُ صاحبها، واللهُ - جَلَّ وَعَلاَ- نهى عباده فقال: (فَلا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ لْغَرُورُ)، فنهى - سُبْحَانَهُ - عن الاغترار في هذه الحياة الدنيا ونسيان الآخرة، وذكر أن هذا اليوم أتٍ على الجميع، لا ينفلتُ أحدٌ منه وما بعده فهو دار قرار، ودار الجزاء وقد انتهت دار العمل، فليحذر العبد من هذا الموعد، وليستعد له قبل أن يحل به، ويستعد له بالعمل الصالح ويتوب من الذنوب والسيئات، هذا يزحزح عن النار ويبعد عنها، ويدخل الجنة لأنه في الآخرة ما في إلا دار الجنة ودار - والعياذ بالله - النار، داران لا محيد عنهما، فليتنبه العبد لهذا اليوم وهذا اللقاء، وليحسن العمل وأن يتوب من السيئات، وأن يترك المرواغات التي اُبتلي بها أهل الكتاب (وَقَالَتْ الْيَهُودُ لَيْسَتْ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتْ النَّصَارَى لَيْسَتْ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ)، فليس الأمر بالتمني، وتزكية النفوس بالكذب، وإنما الأمر على الجد وعلى الصدق، وعلى الوفاء والتمام، والجزاء من جنس العمل، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .