لقاء مفتوح بالطائف 10-07-1435هـ




لقاء مفتوح بالطائف 10-07-1435هـ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين َوَصَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِينا مُحَمَّدٍ وعَلىَ آلِهِ وَأصَحْابِهِ أَجْمعين.

لقَد استمعنا في هذه الخُطبة المُباركة إلى مَوضوع مُهم، وهوَ موضوع (وُجوب طاعَة الرَسول-صلى الله عليه وسلم-)، طاعة الرسول- صَلَى اللهُ عليهِ وَسَلَم- قُرِنَت مع طاعة الله قالَ سُبحانه: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا) [النساء: 80]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)[النساء: 59]، طاعة الرسول كغيرهِ من الرُسُل، الرُسُل كُلهُم، كُل رسول يقولُ لقومهِ: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) [آل عمران:50]، الله جَلَّ وعلاَ قال: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ) [النساء: 54]، وطاعة الرسول- صَلى اللهُ عَليهِ وَسَلَم- من مُقتضى شهادةِ أنهُ رسول الله، ولهذا يقول الشيخ الإمام مُحمد بن عبدالوهاب- رحمهُ الله- ومعنى أشهد أنَّ محمد رسول الله: (طاعته فيما أَمَر وتصديقهُ فيما أَخَبَر وإجتناب ما نهى عنهُ وَزَجَر وأن لا يُعبَدَ الله إلا بما شَرَع هذا معنى أَشهَد أنَّ محمدًا رسول الله)، أما التَلَفُظ أنهُ رسول الله هذا لا يكفي، لابُد أن تُطيعهُ، تسير على منهَجِهِ- صَلى اللهُ عليهِ وسلم- وأما التَلَفُظ والإقرار بأنهُ رسول الله بدون اتباعٍ لهُ وبدونِ طاعةٍ لهُ فهذا لا ينفع، الكُفار يعترفون أنه رسول الله قال اللهُ- جَلَّ وَعلا-: (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ)هُم يعرفون أنه رسول الله (وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ) [ الأنعام:33] فهم يتركون طاعتهُ، وهم يشهدون ويعرفون أنهُ رسول الله بقرارة أنفسِهم؛ لكن منعهم الكِبِر ومنعهم إتبَّاع الهوى كما قالَ – جَلَّ وعلا-: (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنْ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [القصص: 50]، فالرسول يُطاع فيما أَمَرَ به ويُطاع فيما نهى عنه بأن يُتَجَنب ما نهى عنهُ الرسول - صلى الله عليه وسلم- فلا يقتصِر على طاعة أمره؛ بل يجتنِب ما نهى عنهُ – صَلى اللهُ عليهِ وَسَلَم- من المعاصي ومن البِدَع ومن المُحدثات في الدين، كُلُ هذا داخلُ في طاعة الرسول- صَلى اللهُ عليهِ وَسَلَم-، والله رَتَبَ على طاعة الرسول ذَكرها مع طاعته سبحانه، وذكرها مُفرَدَه، فقال: (مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) [النساء:80] قالَ - جلَّ وَعَلا-: (وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا) [النور: 54] - قال تعالى- (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [النور 56]، طاعة الرسول تكونُ مع طاعة الله وتكونُ مفرده، لأنهُ مُبلِغٌ عن الله- عَزَّ وَجَلّ-: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا) [النساء:80] فمن بَلَغتهُ سُنة الرسول- صلى اللهُ عليهِ وَسَلَم- فإنهُ يتبِعُها إن كانَ يُريدُ النَجاة لنفسهِ ويَترُك البِدَع والمُحدثات وما أحدثهُ الناس، يتخذّ الرسول هو القدوة دون غيره لا يقتدي بغير الرسول صلى الله عليه وسلم هو القدوة لجميع البشر، لأن رسالته عامة لجميع الناس فهو صلى الله عليه وسلم يُطاع ويُتبع ويحب ويجل ويعظم من غير غلو ومن غير إطراء هذا من حق الرسول -صلي الله عليه وسلم- علينا ومن حظوظ أنفسنا لن طاعة الرسول فيها حظ لنا، فيها نفع لنا، فيها مصلحة لنا (وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا) [النور: 54]، (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [النور: 56] فالنفع عائد إلينا، أما الرسول فقط بلغ البالغ المبين ترك أمته علي البيضاء وقال عليه الصلاة والسلام عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي إني تارك فيكم ما إن تمسكتم لن تضلوا بعدي كتاب الله وسنتي هذا هو الواجب علينا، جملة ما أشار إليه الخطيب - حفظه الله- ترك الابتداع جملة قال صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا في هذا ما ليس منه فهو رد مردود عليه لا يقبل، وفي رواية: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعظوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار فإن كنت تريد الجنة وتريد رضا الله ونفع نفسك فعليك بطاعة الرسول وأتباعه ولا تتبع غير الرسول صلى الله عليه وسلم، لا تتبع أهواء الناس وعادت الناس وتقاليد الناس ومن ذلك الابتداع في شهر رجب، شهر رجب واحد من الشهور الحرم أربعة أشهر حُرم، حَرَمَ الله فيها القتال ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم هذه ثلاثة جميع، والرابع شهر رجب الفرد هذا الأشهر فهو من الأشهر الحُرم، أما أن يحدث فيه شيء من العبادات بغير دليل فهذا بدعة كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار إنما هو كغيره من الشهور، من كان على عمل صالح وعلى عبادات صحيحة يستمر عليها في رجب وفي غيره، أما أن يخص شهر رجب بعبادات دون غيره هذا بدعة ظاهرة خسارة على صحبها لا تقبل منه مهما أتعب نفسها فلا خير إلا بتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا شر إلا في مخالفته -عليه الصلاة والسلام-.

وكذلك مع طاعة الله ورسوله طاعة أولي الأمر، الله قرنها مع طاعته وطاعة رسوله - قال تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ) [النساء:59] يعني من المسلمين ولي أمر المسلم لا تجوز معصيته إلا إذا أمر بمعصية الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وإلا تجب طاعته قال صلى الله عليه وسلم: من يطع الأمير فقد أطاعني ومن عصى الأمير فقد عصاني هذا يجب معرفته والعمل به والارتباط به فإنه هذا هو طريق النجاة لمن يريد النجاة، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضى، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

 

الأسئلة:

السؤال: هل من كلمة توجيهية للمسلمين في خضم هذه الفتن التي جعلت المسلم في حيرة من أمره، لم يعرف أين الحق؟

جواب الشيخ: الحق واضح - ولله الحمد - كل مسلم يعرف أين الحق وهو طاعة الله ورسوله والتمسك بهذا الدين مهما كثرة الفتن وعظمة فإن الحق واضح - ولله الحمد - لا لبس فيه، فالمنجى من هذه الفتن هو التمسك بكتاب الله وسنة رسوله ولزوم جماعة المسلمين وإمام المسلمين كما أوصى بذلك النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله حذيفه بن اليمان رضي الله عنه عن الفتن إذا كثرة وعظمة، قال: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمام المسلمين .

فأولا: علينا التمسك بكتاب الله وسنة رسوله.

ثانيا: طاعة الله ورسوله.

ثالثا: لزوم جماعة المسلمين وإمام المسلمين.

رابعا: الإكثار من الدعاء بأن يدفع الله هذه الفتن وأن يقي المسلمين شرها.

السؤال: أحسن الله إليكم، عندما يذكر الخطيب في يوم الجمعة الرسول - صلى الله عليه وسلم-،هل يجب على المصلين الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم-، أم لا؟

جواب الشيخ: نعم يصلون عليه؛ لكن لا يرفعون أصواتهم كلٌ يصلي عليه في نفسه يحرك لسانه بقدر ما يُسمع نفسه.

السؤال: يقول في دعاء الاستفتاح كلمة جَدُّك ما هي الحركة الإعرابية على حرف الجيم؟ هل هي الكسرة أم الفتحة وما معنى جَدُّك؟

جواب الشيخ: (وتعالى جَدُّك) أي: عظمتك، فالجَد في هذا هو العظمة، الله جل وعلا تعالت عظمته، وجل قدره سبحانه وتعالى، بفتح الجيم تعالى جَدُّكَ.

السؤال: أثابكم الله يقول السائل أشكل عليَّ قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما قال: (نعمة البدعة) حينما أجمع الصحابة على إمام واحد في صلاة التراويح؟

جواب الشيخ: البدعة لأنه جمعهم بعد أن كانوا يصلون متفرقين في المسجد جماعات متفرقة فجمعهم عمر على إمام واحد فهذه بدعة لغوية ليست بدعة شرعية لأن شيء لم يكن للناس به عهد بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فعمر أحيا السنة، كانوا يصلون خلف النبي - صلى الله عليه وسلم- في رمضان لكنه تأخر عنهم خشية أن تفرض عليهم فلما توفي الرسول صلى الله عليه وسلم انتهى المحذور لأن التشريع انتهى بموت الرسول - صلى الله عليه وسلم- فلا يُخشى منها لا الفرضية على الناس تبقى سنة، فلما زال المحذور عمر رضي الله عنه أحيا السنة ولم يعمل بدعة إنما قال: (نعمة البدعة)هذه بدعة لغوية أي: شيء لم يعتاد الناس ولم يعرفوه من زمن طويل .

السؤال: أثابكم الله، أين تقف الزوجة إذا صلت مع زوجها جماعة في البيت؟

جواب الشيخ:  تقف خلفه، وإذا وقفت عن يمينه فلا بأس بذلك كما ذكر أهل العلم.

السؤال: أحسن الله إليكم، إذا كان الإمام جازماً في صلاته وسبح به ثقتان، فهل يجب عليه الرجوع إليهما؟

جواب الشيخ: إذا كان لم يجزم بصواب نفسه فإنه يجب عليه الرجوع فإن لم يرجع بطلت صلاته، أما إذا كان يجزم بصواب نفسه يظن أنه مصيب وأن هم الذين سبحوا به أنهم مخطئون وهو مصيب إذا كان على هذا يبني على ما تيقن وصلاته صحيحة لكن يسجد للسهو.

السؤال: أحسن الله إليكم، ما حكم من يطول في السجود وهو يصلي مع الإمام ولم ينهض من السجود إلا بعد أن يقرأ الإمام ثلاث آيات أو أربع من الفاتحة؟

جواب الشيخ: هذا غلط، إنما جُعل الإمام ليؤتم به يعني: يقتدي به فلا يتأخر عنه كما لا يتقدم عليه كما لا يوافقه في أفعاله بل يكون بعده إذا كبر فكبروا ولا تكبروا حتى يكبر، وإذا ركع فاركعوا ولا تركعوا حتى يركع، وإذا سجد فاسجدوا ولا تسجدوا حتى يسجد هذا معنى الإتمام بالإمام، الاقتداء به - صلى الله عليه وسلم- بأن تكون أفعال المأموم بعد أفعال الإمام، أما أنه يخالف الإمام ويطول في السجود فهذا خلاف السنة. 

السؤال:  أثابكم الله، إذا فاتتني ركعة وقمت قبل ما يكمل الإمام التسليمة الثانية، فما حكم ذلك؟

جواب الشيخ: إذا قمت لا يجوز لك القيام حتى يُسلّم الإمام التسليمة الثانية، فإن قمت انقلبت صلاتك إلى نافلة وعليك أن تعيد الصلاة الفريضة، لأن الفريضة لها تسليمتان، وأيضاً أنت تابع للإمام لماذا تقوم قبل أن يُكمِل السلام؟.

السؤال: أحسن الله إليكم، إذا فاتتني صلاة المغرِب وحضرت المسجد أثناء إقامة صلاة العشاء، فهل أصلي بنية المغرب أم صلاة العشاء، وإذا كان المغرب فكيف أصلي؟

جواب الشيخ: لا تصلي العشاء قبل المغرب، لابُدّ من الترتيب، صلي المغرب أولاً ثم أدخل مع الإمام فيما بقي من صلاة العشاء، وإن دخلت مع الإمام بنية المغرب ثم تجلس في الثالثة ولا تتبعه في الرابعة، تُسلّم لنفسك، أو تنتظر الإمام تسلّم معه، فلا بأس في ذلك.

السؤال: أحسن الله إليكم، يقول ما حكم ما يُسمّى بالجمعيات بين الموظفين أو غيرهم؟ وما حكم من أخذ على ذلك جعلاً من هؤلاء الأشخاص على جمعه لهذه الأموال وهو منهم ومستفيدٌ من هذه الجمعية؟

جواب الشيخ: كل هذا عندي لا يجوز لأن هذا تقارض، فهو قرضٌ جرّ نفعا وفي الحديث: كُلَّ قَرْضٍ جَرَّ نفعًا فَهُوَ رِبًا وأجمع العلماء على ذلك، فهم يتقارضون، تقرض هذا بشرط أن يقرضك كل واحد يقرض الآخر بشرط أن يُقرضهُ، فهو أيضاً بيعتين في بيعه الذي نهى عنه الرسول - صلى الله عليه وسلّم -، فأنا أرى أن هذا لا يجوز، ومن احتاج يقترض من أخيه ثُمّ يسدد له دون ارتباط بجماعة أو جمعية.

السؤال: أثابكم الله هذا آخر سؤال، ما حكم شراء السيارات بالعقد المُسمّى بالإيجار المنتهي بالتمليك؟

جواب الشيخ: هذا عقدٌ باطل وقد صدر فيه قرار من هيئة كبار العلماء من زمان ببطلانه لأن البيع لا يُعلّق على المستقبل، البيع لابُدّ أن يكون مُنجّزًا، وهذا بيعٌ معلّق في المستقبل منتهي بالتمليك ويكون البيع متأخر لا يكون هذا، لا يجوز، شرط صحّة البيع أن يكونَ مُنجّزًا في المجلس، ولا يقول إذا انتهى شهر كذا أو دخل كذا أو جاء فلان فأنا قد بعتك هذا لا يجوز لأنه بيعٌ مُعلّق، هذا من ناحية، الناحية الثانية أن مآل السيارة مجهول ما يُدرى كيف تنتهي ربما تخْرُب، ربما تقلّ قيمتُها، ربما يتْلَف منها شيء هذا بيع شيء مجهول ولا يجوز.