بناء البيت الحرام.


السؤال
ـ يقول اللهُ في كتابه الكريم: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ) وأيضًا الآيات التي ورد فيها تأسيس البيت الحرام وبنائه، نريدُ إلقاء الضوء على هذه الآيات نفع الله بكم وبعلمكم .
الاحابة

الجواب: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وأصَحْابِهِ أَجْمَعِينَ .قوله تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ) هذا إخبارٌ منه - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – أن المسجد الحرام هو أول المساجد؛ مساجد الأنبياء هو أول مساجد الأنبياء في الأرض. (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ) الباء لغةٌ في اسم مكة يقال لها مكة ويقال لها بكة، لما وصفه الله قال:{مُبَارَكاً}، هذا البيت مبارك انزل الله البركة على من يزوره، ومن يصلي عنده، ومن يطوف به، ومن يحُج إليه ومن يعتمر إليه، فهو مباركٌ مضاعفة الحسنات، وتكفير السيئات ورُفعة الدرجات؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَتَى هَذَا الْبَيْتَ  فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ». فهو أول المساجد الثلاثة (مُبَارَكاً وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ) تنزل الهدى على من حوله ومن يأتيه ومن يزوره، فيه بركةً وفيه هدىً للعالمين.ثم قال: (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ) فيه دلالات؛ الآية هى العلامة الدالة على الخير، (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ) أي واضحات، ومن هذه الآيات مقام ابراهيم، وهو الصخرة التي كان يقوم عليها وقت بناء هذا البيت؛ لما أمره اللهُ ببنائه، شرع يبنيه هو وإبنه اسماعيل -عَلَيْهما الصَلَاةُ وَالسَلَامُ – فمَّا ارتفع البناء أتى بصخرةٍ وجعل يقف عليها فترتفع به ثم تنزل به، من تسخير اللهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – له ولإقامة هذا البيت الذي جعله اللهُ مباركًا فبقيت آثار قدميه -عَلَيْه الصَلَاةُ وَالسَلَامُ – على هذه الصخرة مستمرةٌ، وهذا واضحٌ فيها على هذه الصخرة، كلُ من رآها رأى آثار  قدمي ابراهيم -عَلَيْه السَلَامُ – عليها، قال أبو طالب في لاميته:وَمَوْطِئِ  إِبْراهيمَ  في الصَّخْرِ رَطْبَةً           *****        عَلَيْهَا رَسُّمُه حافِياً غَيْرَ ناعِلِفهى من الآيات البينات وأبقاها اللهُ  - سُبْحَانَهُ – وشرع الصلاة عندها، قال تعالى: (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى) والنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لمَّا طاف بهذا البيت سبعةُ أشواط أتى عند هذا المقام، وجعله بينه وبين الكعبة وصلى عنده ركعتين بعدما تلا هذه الآية وهى قوله تعالى: (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى) فبيَّن - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – معنى إتخاذ مقام ابراهيم مُصلى، أنه يُصلى عنده لمن طاف بهذا البيت.(وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ) وقيل إن مقام ابراهيم يشمل كل المشاعر، كلها من مقام ابراهيم، ومنها هذه الصخرة التي قام عليها يُصلى عندها بعد الفراغ من الطواف. هذا سُّنة ولو صلى الركعتين في أي مكانٍ داخل حدود الحرم لأجزأ ذلك وحصل به الامتثال .