بيان مدى صحة حديث:‏‏ « من بدل دينه فاقتلوه »

السؤال
نص السؤال     ما مدى صحة الحديث القائل‏‏ ‏‏: « من بدل دينه فاقتلوه » ‏ وما معناه ؟ وكيف نجمع بينه وبين قوله تعالى‏‏ : ‏( ‏لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ) ، وبين قوله تعالى‏‏ : ‏( ‏وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) ‏ ، وبين الحديث القائل‏‏ : « ‏‏أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله عز وجل » وهل يفهم أن اعتناق الدين بالاختيار لا بالإكراه‏؟‏نص الإجابة     أولًا: الحديث ‏‏« من بدل دينه فاقتلوه » حديث صحيح رواه البخاري وغيره من أهل السنة بهذا اللفظ‏‏ : « ‏من بدل دينه فاقتلوه‏ » وأما الجمع بينه وبين ما ذكر من الأدلة فلا تعارض بين الأدلة ولله الحمد‏؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم‏‏ : « ‏‏من بدل دينه فاقتلوه » ‏[‏رواه الإمام البخاري في ‏ ‏صحيحه‏ ‏ من حديث ابن عباس رضي الله عنهما‏]‏ في المرتد الذي يكفر بعد إسلامه فيجب قتله بعد أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل ، وأما قوله تعالى‏‏ : ‏( ‏لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ) ‏[‏البقرة ‏‏: 256‏]‏ وقوله تعالى‏‏ : ‏( ‏وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ ) ‏[‏يونس :‏‏ 99‏]‏ فلا تعارض بين هذه الأدلة ؛ لأن الدخول في الإسلام لا يمكن الإكراه عليه ؛ لأنه شيء في القلب واقتناع في القلب ولا يمكن أن نتصرف في القلوب وأن نجعلها مؤمنة هذا بيد الله عز وجل هو مقلب القلوب ، وهو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء‏‏ ، لكن واجبنا الدعوة إلى الله عز وجل والبيان والجهاد في سبيل الله لمن عاند بعد أن عرف الحق وعاند بعد معرفته فهذا يجب علينا أن نجاهده ، وأما أننا نكرهه على الدخول في الإسلام ونجعل الإيمان في قلبه هذا ليس لنا ، وإنما هو راجع إلى الله سبحانه وتعالى ، لكن نحن أولًا ندعو إلى الله عز وجل بالحكمة والموعظة الحسنة ونبيّن للناس هذا الدين‏‏ ، وثانيًا‏‏ نجاهد أهل العناد وأهل الكفر والجحود حتى يكون الدين لله وحده عز وجل حتى لا تكون فتنة‏‏ ، أما المرتد فهذا يقتل ؛ لأنه كفر بعد إسلامه وترك الحق بعد معرفته فهو عضو فاسد يجب بتره وإراحة المجتمع منه ؛ لأنه فاسد العقيدة ويخشى أن يفسد عقائد الباقين ؛ لأنه ترك الحق لا عن جهل وإنما عن عناد بعد معرفة الحق فلذلك صار لا يصلح للبقاء فيجب قتله فلا تعارض بين قوله تعالى‏‏ : ‏( ‏لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ) ‏[‏البقرة ‏‏: 256‏]‏ وبين قتل المرتد ؛ لأن الإكراه في الدين هنا عند الدخول في الإسلام ، وأما قتل المرتد فهو عند الخروج من الإسلام بعد معرفته وبعد الدخول فيه‏‏ على أن الآية قوله تعالى‏‏ : ‏( ‏لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ) ‏[‏التوبة ‏‏: 5‏]‏ فيها أقوال للمفسرين منهم من يقول‏‏: إنها خاصة بأهل الكتاب وأن أهل الكتاب لا يكرهون وإنما يطلب منهم الإيمان أو دفع الجزية فيقرون على دينهم إذا دفعوا الجزية وخضعوا لحكم الإسلام وليست عامة في كل كافر ، ومن العلماء من يرى أنها منسوخة بقوله تعالى‏‏ : ‏( ‏فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) ‏ [‏التوبة :‏‏ 5‏]‏ فهي منسوخة بهذه الآية‏‏ ، ولكن الصحيح أنها ليست منسوخة وأنها ليست خاصة بأهل الكتاب ، وإنما معناها أن هذا الدين بيِّن واضح تقبله الفِطَرُ والعقول وأن أحدًا لا يدخله عن كراهية وإنما يدخله عن اقتناع وعن محبة ورغبة‏‏ هذا هو الصحيح‏ .