بلوغ المرام 24-03-1439هـ


الكتاب

شرح بلوغ المرام 24-3-1439هـ.

وعن أبي سعيد الخدري-رضي الله تعالى عنه قال: "أصبنا سبايا يوم أوطاس لهن أزواج فتحرجوا فأنزل الله تعالى: "والمحصنات من النساء إلاَّ ما ملكت أيمانكم" الآية، أخرجه مسلم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أوطاس موضع قرب الطائف، لما غزا النبي صلى الله عليه وسلم أهل الطائف أصابوا من نساء الكفار نساء أخذوهن مع الغنائم؛ لأن المرأة لا تقتل، وإنما تؤخذ مع السبي، فالأطفال الصغار من أطفال الكفار لا يقتلون، وإنما يؤخذون مع السبي فيكونون ملك يمين، وهذا هو الرق الشرعي الذي جاء به الإسلام، أن المسلمين إذا استولوا على، إذا انتصروا على الكفار واستولوا على أموالهم فإنهم لا يقتلون النساء ولا يقتلون الأطفال، وإنما يأخذونهم على أنهم أرقاء مملوكين بسبب الكفر، الرق كما عرفه العلماء عجز حكمي يقوم بالإنسان سببه الكفر، أما ما ينهب ويسرق من الذراري والنساء من غير قتال فهذا حرام ولا يكون رقًّا، هم أحرار، إنما الرق ما استولي عليه في المعركة من نساء الكفار وأطفالهم، ولا يرتفع هذا الرق إلا بالعتق، قال العلماء: الرق عجز حكمي يقوم بالإنسان سببه الكفر، فلا يرتفع إلا بالعتق، بأي أنواع العتق، أنواع العتق كثيرة، كفارات، تطوع، ديات، وما أشبه ذلك، فهذا هو الحكم في نساء الكفار وفي أولادهم. فإذا كانت النساء التي سبين لهن أزواج من الكفار فإن زواجهن من الكفار ينتهي ويبطل، ويكن ملكا للمسلمين ملك يمين، ولكنها لا توطأ المسبية حتى تستبرأ، إذا كانت ذات زوج فإنها لا توطأ المسبية حتى تستبرأ لئلاَّ تكون حاملا من زوجها الكافر، تستبرأ، فإذا مر عليها حيضة فهذا دليل على أنها غير حامل؛ لأن الحامل لا تحيض، دليل على أنها غير حامل، ثم تحل لمالكها. قال جل وعلا-لما ذكر المحرمات-قال: ( والمحصنات من النساء) المحصنات يعني المزوَّجَات، (والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم). فإن ملك اليمين ينسلخ نكاحها من زوجها الكافر.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم -سرية وأنا فيهم قبل نجد فغنموا إبلا كثيرة فكانت سهمانهم اثني عشر بعيرا ونفلوا بعيرا بعيرا. متفق عليه.

نجد المدينة: هو العراق، والنجد هو ما ارتفع من الأرض، ونجد المدينة المحاذي لها هو العراق، وليس نجد المعروفة عندنا. "فغنموا إبلا كثيرة فكانت سهمانهم اثني عشر بعيرا ونفلوا بعيرا بعيرا". غنموا إبلا كثيرة من أموال الكفار، ووزعها النبي صلى الله عليه وسلم على الغانمين، والغنيمة تكون تحت تصرف الإمام قائد المسلمين، فإذا وزعها على الغزاة ملكوها.

وعنه رضي الله تعالى عنهما قال: قسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم -يوم خيبر للفرس سهمين، وللراجل سهما. متفق عليه. واللفظ للبخاري.

في غزوة خيبر، خيبر شمالي المدينة من أرض الحجاز، وهي بلاد ذات نخيل وزراعة معروفة، وكانت بيد اليهود، غزاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتصر عليهم فصارت خيبر غنيمة للمسلمين، فقال أهلها من اليهود للرسول صلى الله عليه وسلم نحن أعلم بغراسها وزراعتها فاستعملونا فيها، فاستعملهم رسول الله عليه وسلم عليها بشطر ما يخرج منها، يعني بالنصف، النصف لهم والنصف الآخر للمسلمين، لبيت المال.

وعنه رضي الله تعالى عنهما قال: "قسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم -يوم خيبر للفرس سهمين، وللراجل سهما". متفق عليه. واللفظ للبخاري.

وإذا قسمها النبي صلى الله عليه وسلم قسم الغنائم فإنه يعطى الفارس سهمين، سهم له وسهم لفرسه، ويعطى الراجل من الغزاة سهما واحدا؛ لأنه ليس له فرس.

ولأبي داود: "أسهم لرجل ولفرسه ثلاثة أسهم: سهمين لفرسه، وسهما له".

أي نعم، نفلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، (يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول) فالرسول ينفل. يعني يزيد من يرى المصلحة في تنفيله لشجاعته أو مكانته في الجهاد في سبيل الله ينفله.

وعن معن بن يزيد رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم -يقول: «لا نفل إلا بعد الخمس». رواه أحمد، وأبو داود، وصححه الطحاوي.

لانفل إلا بعد الخمس يعني أول شيء ينزع ولي الأمر الخمس، (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه) ينزع الخمس ويكون لبيت المال في مصالح المسلمين ويقسم الباقي.

وعن حبيب بن مسلمة -رضي الله عنه -قال: شهدت رسول الله -صلى الله عليه وسلم -نفل الربع في البدأة، والثلث في الرجعة. رواه أبو داود، وصححه ابن الجارود، وابن حبان، والحاكم.

والتنفيل وهي الزيادة التي يعطيها الإمام لبعض الغزاة نظرا لشجاعته ومكانته وقوته في الجهاد هذا في الأول الخمس، في وقت إقبال المسلمين على الجهاد، وفي وقت انصراف المسلمين عن الجهاد إلى بلادهم ينفل الربع أكثر من الخمس؛ لأن بقاءه في وجه الكفار بعد انصراف المسلمين هذا أكثر خطرا مما لو كان مع المسلمين في الغزو، فإذا بقي بعدهم فإنه يكون أخطر فيزيده الرسول صلى الله عليه وسلم الربع.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم -ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة، سوى قسمة عامة الجيش. متفق عليه.

إي نعم، التنفيل هو الزيادة، يعني ينفل بعض الغزاة زيادة على سهمه من الغنيمة نظرا لمكانته في الجهاد وقوته وشجاعته وما معه من السلاح وما معه من الخيل هذا يكون له زيادة من الغنائم؛ نظرا لما معه من القوة التي تنفع المسلمين.

وعنه رضي الله تعالى عنه قال: كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب، فنأكله ولا نرفعه. رواه البخاري.

الأشياء التي يأخذها المسلمون من أموال الكفار غنيمة ما كان يتلف سريعا يؤكل مثل العنب، ومثل السمن، هذا لا يكون من الغنيمة، ولا يحسب من الغنيمة؛ لأنه يتلف سريعا، فيأكله من استولى عليه.

وعنه رضي الله تعالى عنه قال: كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب، فنأكله ولا نرفعه. رواه البخاري.

نعم يأكلون العسل والزبيب لأن هذا لا يبقى طويلا يخرب، فيأكلونه ولا يرصدونه مع الغنائم. ولأبي داود: فلم يؤخذ منه الخمس. وصححه ابن حبان. لا يعتبر غنيمة هذا لأنه لا يبقى.

وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما قال: أصبنا طعاما يوم خيبر، فكان الرجل يجيء فيأخذ منه مقدار ما يكفيه، ثم ينصرف. أخرجه أبو داود، وصححه ابن الجارود، والحاكم.

كذلك الطعام، الطعام لا يبقى طويلا يخرب، فإذا استولى عليه المسلمون فإن الغزاة يأكلونه، ولا يعتبر من الغنيمة لأنه شيء يتلف ولا يستمر.

وعن رويفع بن ثابت -رضي الله عنه -قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يركب دابة من فيء المسلمين، حتى إذا أعجفها ردها فيه، ولا يلبس ثوبا من فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه». أخرجه أبو داود، والدارمي، ورجاله لا بأس بهم.

نعم وكذلك الثياب والخيل والمركوبات لا يستعملها الغزاة لمصالحهم الخاصة ثم بعد ما يستعملونها يدخلونها في الغنائم، هذا لا يجوز؛ لأن هذا يؤثر فيها، لا يبقى لها قيمة، فالغنائم تحفظ حتى يوزعها ولي الأمر فهي مشتركة للغزاة، فلا يختص بها أحد لنفسه ولو مؤقتا، فلا يركبها، ولا يحلبها.

وعن أبي عبيدة بن الجراح -رضي الله عنه -قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم يقول: «يجير على المسلمين بعضهم». أخرجه ابن أبي شيبة، وأحمد، وفي إسناده ضعف. وللطيالسي: من حديث عمرو بن العاص: «يجير على المسلمين أدناهم».

إي نعم، إذا أمَّن واحدٌ من المسلمين أحدا من الكفار فإن المسلمين لا يتعرضون له؛ لأنه واحد منهم وقد أمَّنه، "يسعى بذمتهم أدناهم". "المسلمون يد على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم". فإذا أمَّن أحدٌ من المسلمين أحدا من الكفار وجب على المسلمين أن يُؤَمِّنُوه ولو كان امرأة أو كبير السن أو طفلا فإن المسلمين "يسعى بذممهم أدناهم" يعني: أقلهم وأضعفهم حفاظا على ذمة المسلمين، وفي غزوة الفتح قال النبي صلى الله عليه وسلم لأم هاني بنت أبي طالب أخت علي بن أبي طالب رضي الله عنها أجارت ناسا من أهل مكة، فقال: "أجرنا من أجرت يا أم هاني".

وفي الصحيحين عن علي رضي الله عنه قال: «ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم». يسعى بها أدناهم يعني أقلهم كالمرأة، والطفل. زاد ابن ماجه من وجه آخر: «ويجير عليهم أقصاهم». وفي الصحيحين من حديث أم هانئ: «قد أجرنا من أجرت». وعن عمر -رضي الله عنه -أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم -يقول: «لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب، حتى لا أدع إلا مسلما». رواه مسلم.

جزيرة العرب هي منبع الإسلام، وفيها نشأ الإسلام، فلا يجوز أن يبقى فيها دين آخر، لا يبقى فيها إلاَّ دين الإسلام، أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وقال: "أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب" فأجلاهم عمر رضي الله عنه في خلافته، ولم يبق في الجزيرة إلا المسلمون.

وعنه ضي الله عنه قال: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله، مما لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب، فكانت للنبي -صلى الله عليه وسلم -خاصة، فكان ينفق على أهله نفقة سنة، وما بقي يجعله في الكراع والسلاح، عدة في سبيل الله». متفق عليه.

بنو النضير من اليهود؛ لأن يهود المدينة ثلاث طوائف: بنو قينقاع، وبنو النضير وبنو قريظة. بنو النضير كانوا في المدينة، وكانت نخيلهم في المدينة، فالمسلمون ما أوجفوا عليها بخيل ولا ركاب لأنهم ذهبوا يمشون إليها مشيا؛ لأنها قريبة، استولوا عليها فكانت نخيلها وأموالها غنيمة للمسلمين، ولا يختص بها أحد من الغزاة بل هي للمسلمين عموما؛ لأنها فيء. "فكانت للنبي -صلى الله عليه وسلم -خاصة، فكان ينفق على أهله نفقة سنة، وما بقي يجعله في الكراع والسلاح، عدة في سبيل الله" (ما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء). فبنو النضير في المدينة، ما احتاجوا إلى خيل ولا إلى ر كاب وإنما ذهب إليهم الصحابة يمشون ونزلوا فيهم واستولوا عليهم، وأجلوهم منها، فهي فيء للمسلمين عموما، ما تكون للغزاة خاصة. "فكانت للنبي -صلى الله عليه وسلم -خاصة، فكان ينفق على أهله نفقة سنة، وما بقي يجعله في الكراع والسلاح، عدة في سبيل الله عز وجل" لأن الله أعطاه هذا الفيء، (فلله) أعطى الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الفيء، فكان صلى الله عليه وسلم يأخذ منه كفايته، كفاية أهله سنة، والباقي يكون في بيت المال.

وعن معاذ -رضي الله عنه -قال: غزونا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم -خيبر، فأصبنا فيها غنما، فقسم فينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم -طائفة، وجعل بقيتها في المغنم. رواه أبو داود، ورجاله لا بأس بهم.

غزوا مع رسول الله صلى الله عليه غزوة خيبر المعروفة شمال المدينة، "فقسم فينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم –طائفة" طائفة منها نعم. "وجعل بقيتها في المغنم". قسم بعض الغنم، طائفة من الغنم، يعني قسما من الغنم قسمه على الغزاة، والبقية جعلها في بيت المال، لعموم المسلمين الغنم، نعم.

وعن أبي رافع -رضي الله عنه -قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: «إني لا أخيس بالعهد، ولا أحبس الرسل». رواه أبو داود، والنسائي، وصححه ابن حبان.

لا أخيس بالعهد: كان صلى الله عليه وسلم يفي بالعهد الذي بينه وبين العدو، ولا يخون العهد، قال الله جل وعلا:(وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا). فالرسول صلى الله عليه وسلم يفي بالعهد الذي بينه وبين العدو. ولا يخيس فيه: يعني لا يغدر فيه عليه الصلاة والسلام. "ولا أحبس الرسل". إذا أرسل الكفار مندوبا أو مناديب لولي أمر المسلمين فإن ولي أمر المسلمين يُؤَمِّنُهُمْ، ولا يسمح لأحد أن يعتدي عليهم حتى يرجعوا إلى بلادهم، فالرسل لا يقتلون، ولا يتعرض لهم ولو كانوا كفارا، إذا جاؤوا يتفاوضون مع ولي الأمر، يعطون الأمان ولا يجوز لأحد من المسلمين أن يغدر بهم.

الفوائد الحسان من دروس الفوزان.

فوائد من شرح بلوغ المرام 24-3-1439هـ.

 

الفائدة الأولى: النجد هو ما ارتفع من الأرض ونجد المدينة المحاذي لها هو العراق، وليس نجد المعروفة عندنا.

 

الفائدة الثانية: كان من هديه صلى الله عليه وسلم توزيع الغنائم على الغانمين،

والغنيمة تكون تحت تصرف الإمام قائد المسلمين، فإذا وزعها على الغزاة ملكوها.

 

الفائدة الثالثة: تقع مدينة خيبر شمالي المدينة من أرض الحجاز، وهي بلاد ذات نخيل وزراعة معروفة، وكانت بيد اليهود، فغزاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتصر عليهم فصارت خيبر غنيمة للمسلمين.

 

الفائدة الرابعة: طلب يهود خيبر من النبي صلى الله عليه وسلم أن يقرهم في خيبر فقالوا نحن أعلم بغراسها وزراعتها فاستعملنا فيها، فاستعملهم رسول الله عليه وسلم عليها بشطر ما يخرج منها، فكان لهم النصف، والنصف الآخر للمسلمين، لبيت المال.

 

الفائدة الخامسة: كان صلى الله عليه وسلم إذا قسم الغنائم أعطى الفارس سهمين، سهم له وسهم لفرسه، ويعطى الراجل من الغزاة سهما واحدا؛ لأنه ليس له فرس.

 

الفائدة السادسة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ينفل ويزيد للمصلحة، (يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول). فالرسول ينفل يعني يزيد من يرى المصلحة في تنفيله لشجاعته أو مكانته في الجهاد في سبيل الله ينفله.

 

الفائدة السابعة: النفل هو الزيادة التي يعطيها الإمام لبعض الغزاة نظرا لشجاعته ومكانته وقوته في الجهاد، ففي البداية ينفل الخمس، في وقت إقبال المسلمين على الجهاد، وأمَّا في وقت انصراف المسلمين عن الجهاد إلى بلادهم فإنه ينفل الربع أكثر من الخمس؛ لأن بقاءه في وجه الكفار بعد انصراف المسلمين هذا أكثر خطرا مما لو كان مع المسلمين في الغزو، فإذا بقي بعدهم فإنه يكون أخطر فيزيده الرسول صلى الله عليه وسلم الربع.

 

الفائدة الثامنة: الأشياء التي يأخذها المسلمون من أموال الكفار غنيمة ما كان يتلف منها سريعا فإنه يؤكل مثل الطعام والعنب العسل السمن فهذا لا يكون من الغنيمة، ولا يحسب من الغنيمة؛ لأنه يتلف سريعا، فيأكله من استولى عليه، فكانوا يأكلون العسل والزبيب؛ ونحوها لأن هذا لا يبقى طويلا يخرب، فيأكلونه ولا يرصدونه مع الغنائم، ولا يؤخذ منه الخمس؛ لأن هذا لا يعتبر غنيمة؛ لأنه لا يبقى.

 

الفائدة التاسعة: الثياب والخيل والمركوبات لا يجوز للغزاة أن يستعملوها لمصالحهم الخاصة ثم بعد ما يستعملونها يدخلونها في الغنائم، هذا لا يجوز؛ لأن هذا يؤثر فيها فلا يبقى لها قيمة، فالغنائم تحفظ حتى يوزعها ولي الأمر لأنها مشتركة بين الغزاة، فلا يختص بها أحد ولو مؤقتا، فلا يركبها، ولا يحلبها.

 

الفائدة العاشرة: إذا أمَّن أحدٌ من المسلمين أحدًا من الكفار فإن المسلمين لا يتعرضون له؛ لأنه واحد منهم وقد أمَّنه، "المسلمون يد على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم". فإذا أمَّن أحدٌ من المسلمين أحدًا وجب على المسلمين أن يُؤَمِّنُوه ولو كان امرأة أو كبير السن أو طفلا فإن المسلمين "يسعى بذممهم أدناهم" يعني: أقلهم وأضعفهم حفاظا على ذمة المسلمين.

 

الفائدة الحادية عشرة: جزيرة العرب هي منبع الإسلام، وفيها نشأ الإسلام، فلا يجوز أن يبقى فيها دين آخر، لا يبقى فيها إلاَّ دين الإسلام، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال: "أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب" فأجلاهم عمر رضي الله عنه في خلافته، ولم يبق في الجزيرة إلا المسلمون.

 

الفائدة الثانية عشرة: كان في المدينة ثلاث طوائف من اليهود: بنو قينقاع، وبنو النضير وبنو قريظة. بنو النضير كانوا في المدينة، وكانت نخيلهم في المدينة، فالمسلمون ما أوجفوا عليها بخيل ولا ركاب لأنهم ذهبوا إليها مشيا؛ لأنها قريبة، فاستولوا عليها فكانت نخيلها وأموالها غنيمة للمسلمين، ولا يختص بها أحد من الغزاة بل هي للمسلمين عموما؛ لأنها فيء.

 

الفائدة الثالثة عشرة: كان صلى الله عليه وسلم يفي بالعهد الذي بينه وبين العدو، فلا يخون العهد، قال الله جل وعلا:(وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا). قوله: "ولا يخيس فيه": يعني لا يغدر فيه عليه الصلاة والسلام.

 

الفائدة الرابعة عشرة: قوله: "ولا أحبس الرسل" إذا أرسل الكفار مندوبا لولي أمر المسلمين أو مناديب فإن ولي أمر المسلمين يُؤَمِّنُهُم، ولا يسمح لأحد أن يعتدي عليهم حتى يرجعوا إلى بلادهم، فالرُّسل لا يقتلون، ولا يتعرض لهم ولو كانوا كفارا، إذا جاؤوا يتفاوضون مع ولي الأمر يعطون الأمان ولا يجوز لأحد من المسلمين أن يغدر بهم.