المنتقى من أخبار سيد المرسلين 21-03-1439هـ


التاريخ: 21/3/1439 هـ

من قول المؤلف: "وعن أبيض بن جمال" (باب: ما جاء في إقطاع المعادن)

إلى قول المؤلف: "باب: ما جاء فيمن غصب شاة فذبحها وشواها أو طبخها"

قال المؤلف:

"وَعَنْ أَبْيَضَ بْنِ حَمَّالٍ: أَنَّهُ وَفَدَ إلَى النَّبِيِّ ﷺ اسْتَقْطَعَهُ الْمِلْحَ، فَقَطَعَ لَهُ فَلَمَّا أَنْ وَلَّى قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمَجْلِسِ: أَتَدْرِي مَا أَقْطَعْت لَهُ؟ إنَّمَا أَقْطَعْتَهُ الْمَاءَ الْعِدَّ، قَالَ: فَانْتَزَعَهُ مِنْهُ قَالَ: وَسَأَلَهُ عَمَّا يُحْمَى مِنْ الْأَرَاكِ، فَقَالَ: مَا لَمْ تَنَلْهُ خِفَافُ الْإِبِلِ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ " أَخْفَافُ الْإِبِلِ " قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَخْزُومِيُّ: يَعْنِي: أَنَّ الْإِبِلَ تَأْكُلُ مُنْتَهَى رُؤوسِهَا وَيُحْمَى مَا فَوْقَهُ." لولي الأمر أن يقطع للأفراد ما يراه ما لم يكون مرفقاً لأحد من أجل أن تعم النعم ولا تبقى الأرض بلا فائدة. "وَعَنْ بُهَيْسَةَ قَالَتْ: اسْتَأْذَنَ أَبِي النَّبِيَّ ﷺ فَجَعَلَ يَدْنُو مِنْهُ وَيَلْتَزِمُهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ؟ قَالَ: "الْمَاءُ" قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ؟ قَالَ: "الْمِلْحُ" قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ؟ قَالَ: "أَنْ تَفْعَلَ الْخَيْرَ خَيْرٌ لَكَ." رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد" الناس شركاء في الماء الذي فيه الفلاة أو ما يجري في نهر؛ لأن نفعه عام وليس لأحد أن يسيطر على الماء ويمنع الناس من الانتفاع به، وكذلك المعادن والملح؛ والملح على قسمين: الملح المائي الذي يبقى على الأرض ويتجمد، والملح المعدني الذي في الجبال وغيرها؛ فلا يسيطر عليه أحد، إنما يأخذ منه حاجته ويترك البقية للناس.

"بَابُ إقْطَاعِ الْأَرَاضِي:"

أي: الأراضي التي لم يتملكها أحد؛ "عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ فِي حَدِيثٍ ذَكَرَتْهُ قَالَتْ: كُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى رَأْسِي وَهُوَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهُوَ حُجَّةٌ فِي سَفَرِ الْمَرْأَةِ الْيَسِيرِ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ." كانت أسماء بين أبي بكر الأرض التي قطعها الرسول ﷺ لزوجها الزبير بن العوام، وكانت تنقل النوى؛ ففي هذ دليل على ان المرأة تخدم زوجها، فهذه بنت أبي بكر وزوجة الزبير تعمل وتخدم زوجها وما هذا إلا أن يرفعها من قدرها؛ ولا تسافر المرأة بدون محرم كما جاء في حديث: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا ومعها ذو محرم، لأنها ضعيفة ومحتاجة إلى من يحنيها، والسفر بحدها يعرضها للخطر في بدنها ومالها وعرضها. "وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَقْطَعَ النَّبِيُّ ﷺ الزُّبَيْرَ حُضْرَ فَرَسِهِ، وَأَجْرَى الْفَرَسَ حَتَّى قَامَ، ثُمَّ رَمَى بِسَوْطِهِ فَقَالَ: "أَقْطِعُوهُ حَيْثُ بَلَغَ السَّوْطُ." رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد. وَعَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ قَالَ: خَطَّ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ دَارًا بِالْمَدِينَةِ بِقَوْسٍ وَقَالَ: "أَزِيدُكَ." رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَعَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَقْطَعَهُ أَرْضًا بِحَضْرَمَوْتَ، وَبَعَثَ مُعَاوِيَةَ لِيُقْطِعَهَا إيَّاهُ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ. وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ قَالَ: أَقَطَعَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَرْضَ كَذَا وَكَذَا فَذَهَبَ الزُّبَيْرُ إلَى آلِ عُمَرَ فَاشْتَرَى نَصِيبَهُ مِنْهُمْ، فَأَتَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَالَ: إنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَقْطَعَهُ وَعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَرْضَ كَذَا وَكَذَا، وَإِنِّي اشْتَرَيْت نَصِيبَ آلِ عُمَرَ، فَقَالَ عُثْمَانُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ جَائِزُ الشَّهَادَةِ لَهُ وَعَلَيْهِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ." هذا يدل على أن إقطاع الأرض يكوم تملكاً "وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: دَعَا النَّبِيُّ ﷺ الْأَنْصَارَ لِيُقْطِعَ لَهُمْ الْبَحْرَيْنِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ فَعَلْت فَاكْتُبْ لَإِخْوَانِنَا مِنْ قُرَيْشٍ بِمِثْلِهَا، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: "إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي." رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ." فيه الصبر على جور ولاة الأمور من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار.

"بَابُ الْجُلُوسِ فِي الطُّرُقَاتِ الْمُتَّسِعَةِ لِلْبَيْعِ وَغَيْرِهِ:

"عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "إيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِي الطُّرُقَاتِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا بُدٌّ نَتَحَدَّثُ فِيهَا، فَقَالَ: إذَا أَبَيْتُمْ إلَّا الْمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا، قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الْأَذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ." مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ." الطريق لها أربعة حقوقكما في الحديث: الأول: غض البصر عن المحرمات ومتبرجات النساء، والثاني: كف الأذى، والثالث: رد السلام فإن البدء به سنة والرد واجب، والرابع: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فمن له قدرة وسلطة فباليد، ومن ليس له سلطة فباللسان. ولا يجوز لأحد أن يجلس على الطرقات غير المتسعة؛ أما الطرق المتسعة فيجوز الانتفاع بها بالبيع والشراء وغيرهما بهذه الشروط الأربعة. "وَعَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَامّ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: "لَأَنْ يَحْمِلَ أَحَدُكُمْ حَبْلًا فَيَحْتَطِبَ، ثُمَّ يَجِيءَ فَيَضَعَهُ فِي السُّوقِ فَيَبِيعَهُ، ثُمَّ يَسْتَغْنِيَ بِهِ فَيُنْفِقَهُ عَلَى نَفْسِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ." رَوَاهُ أَحْمَدُ" فيه: النهي عن سؤال الناس حتى للمحتاج إلا من كان عاجزا عن أسباب الاكتساب، فيسأل بقدر حاجته، قال تعالى ﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ ۝ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ [المعارج: 24-25].

"بَابُ مَنْ وَجَدَ دَابَّةً قَدْ سَيَّبَهَا أَهْلُهَا رَغْبَةً عَنْهَا"

فمن وجد دابة ضاعت فيحافظ عليه ويردها على صاحبها، وإذا ردها صاحبها يأخذها وتكون له ويملكها حفاظا على المال بدلاً أن تتلف وتموت؛ فإن المال يحافظ عليه مهما أمكن. "عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ حُمَيْدٍ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: "مَنْ وَجَدَ دَابَّةً قَدْ عَجَزَ عَنْهَا أَهْلُهَا أَنْ يَعْلِفُوهَا فَسَيَّبُوهَا فَأَخَذَهَا فَأَحْيَاهَا فَهِيَ لَهُ."، قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَقُلْتُ لَهُ: عَمَّنْ هَذَا؟ فَقَالَ: عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ." وقال رسول الله ﷺ في الشاة التي ضاعت: إنما هي لك أو لأخيك أو للذئب. "وَعَنْ الشَّعْبِيِّ يَرْفَعُ الْحَدِيثَ إلَى النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "مَنْ تَرَكَ دَابَّةً بِمُهْلَكَةٍ فَأَحْيَاهَا رَجُلٌ فَهِيَ لِمَنْ أَحْيَاهَا." رَوَاهُ أَبُو دَاوُد."

"كِتَابُ الْغَصْبِ وَالضَّمَانَاتِ بَابُ النَّهْيِ عَنْ جِدِّهِ وَهَزْلِهِ:"

الغصب هو: الاستيلاء على مال الغير ظلماً وهو حرام. "عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ "لَا يَأْخُذَنَّ أَحَدُكُمْ مَتَاعَ أَخِيهِ جَادًّا وَلَا لَاعِبًا، وَإِذَا أَخَذَ أَحَدُكُمْ عَصَا أَخِيهِ فَلْيَرُدَّهَا عَلَيْهِ." رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ" فلا يجوز الغصب لا جاداً ولا مازحاً وهو متوعد بعذاب يوم القيامة "وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: "لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِطِيبِ نَفْسِهِ." رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ،" إلا إذا سمح بأخذ هذا المال، قال المؤلف: "وَعُمُومُهُ حُجَّةٌ فِي السَّاحَةِ، الْغَصْبُ يُبْنَى عَلَيْهَا، وَالْعَيْنُ تَتَغَيَّرُ صِفَتُهَا أَنَّهَا لَا تُمْلَكُ." هذا كلام المؤلف "وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْحَابُ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسِيرُونَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فَنَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَانْطَلَقَ بَعْضُهُمْ إلَى حَبْلٍ مَعَهُ، فَأَخَذَهُ فَفَزِعَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا." ولو كان عن طريق المزح.

"بَابُ إثْبَاتِ غَصْبِ الْعَقَارِ:

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: "مَنْ ظَلَمَ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ طَوَّقَهُ اللَّهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ." مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ" هذا عذاب من أخذ شبرا من الأرض قصبه ظلما فكيف إذا كانت واسعة؟! ودل هذا الحديث أن مالك الأرض يملك ما تحتها من المعادن، فه الملكية فيها. "وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ ظُلْمًا فَإِنَّهُ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ." مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ: " مَنْ سَرَقَ." وقد سماه سرقة. "وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "مَنْ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ طَوَّقَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ." رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَنْ أَخَذَ مِنْ الْأَرْضِ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقٍّ خُسِفَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَى سَبْعِ أَرَضِينَ." رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ، وَعَنْ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ كِنْدَةَ وَرَجُلًا مِنْ حَضْرَمَوْتَ اخْتَصَمَا إلَى النَّبِيِّ ﷺ فِي أَرْضٍ بِالْيَمَنِ، فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْضِي اغْتَصَبَهَا هَذَا وَأَبُوهُ، فَقَالَ الْكِنْدِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْضِي وَرِثْتُهَا مِنْ أَبِي، فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَحْلِفْهُ إنَّهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّهَا أَرْضِي وَأَرْضُ وَالِدِي اغْتَصَبَهَا أَبُوهُ، فَتَهَيَّأَ الْكِنْدِيُّ لِلْيَمِينِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إنَّهُ لَا يَقْتَطِعُ عَبْدٌ أَوْ رَجُلٌ بِيَمِينِهِ مَالًا إلَّا لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ يَلْقَاهُ وَهُوَ أَجْذَمُ" فَقَالَ الْكِنْدِيُّ: هِيَ أَرْضُهُ وَأَرْضُ وَالِدِهِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ. فيه وعيد شديد لمن أخذ ما بيس بحق له حتى ولو أخذه عند القاضي؛ لأن القاضي لا يعلم الغيب، إنما يحكم على الظاهر، فالحق يرد على صاحبه في الآخرة وله عذاب شديد يوم القيامة. 

"بَابُ تَمَلُّكِ زَرْعِ الْغَالِبِ بِنَفَقَتِهِ وَقَلْعِ غَرْسِهِ"

إذا زرع الغاصب في الأرض المغصوب يبقى الزرع إلى الحصاد بالأجرة ثم يسلمها لصاحبها؛ لأن الزرع مدته قصيرة؛ وأمتا الشجر هذا يقلع وإخلاء الأرض منه حتى تعود كما كانت. "عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: "مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ فَلَيْسَ لَهُ مِنْ الزَّرْعِ شَيْءٌ وَلَهُ نَفَقَتُهُ." رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيّ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "مَنْ أَحْيَا أَرْضًا فَهِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ" وإحياء الأرض يكون بحفر بئر أو أن يحيطها يصور أو إجراء الماء إليها فهو يملكها بهذه الثلاثة، أما من غرس في أرض غيرها فلا يجوز، والزرع يبقى والشجر لا بد من قلعها "قَالَ: وَلَقَدْ أَخْبَرَنِي الَّذِي حَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيثَ: أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ غَرَسَ أَحَدُهُمَا نَخْلًا فِي أَرْضِ الْآخَرِ فَقَضَى لِصَاحِبِ الْأَرْضِ بِأَرْضِهِ، وَأَمَرَ صَاحِبَ النَّخْلِ أَنْ يُخْرِجَ نَخْلَهُ مِنْهَا، قَالَ: رَأَيْتهَا وَإِنَّهَا لَتُضْرَبُ أُصُولُهَا بِالْفُؤُوسِ وَإِنَّهَا لَنَخْلٌ عُمٌّ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ."