المنتقى من أخبار سيد المرسلين 17-01-1439هـ


دروس معالي الشيخ صالح بن فوزان الفوزان

الكتاب:

المنتقى من أخبار سيد المرسلين

التاريخ:

1439-01-17 هـ

من قول المؤلف:

 "كتاب الحوالة والضمان"

إلى قول المؤلف:

"باب الحجر على المدين وبيع ماله في قضاء دينه"

ملخص الدرس:

كتاب الحوالة والضمان:

الحوالة: أن يكون على الإنسان حق لغيره، عليه دين لغيره، وله دين على آخر، هذا الذي عليه دين لغيره له دين على شخص آخر؛ فله أن يحيل دائنه إلى من عليه دين له؛ فالحوالة: نقل مال من ذمة إلى ذمة.  وهذا جائز بل  يجب قبوله على المليء – وهو الغني الواجد القادر عل سداده – لقول النبي ﷺ "مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ، فَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيٍّ فَلْيَتْبَعْ" وقبول الحوالة فيه التعاون بين المسلمين والإرفاق، وكذلك الضمان:وهو أن  يتحمل دينا أو حقاً على غيره يتحمله ويضمنه لصاحب الحق، وهو أيضاً إرفاق على الناس، وفيه الحديث: "مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ." فيه أنه يحرم على الغني المماطلة والتأخر عن السداد، ومن يفعل ذلك فهو ظالم مستحق للحبس والشكاية.

 

أما من مات وعليه دين ولم يترك شيئاً فكان رسول الله ﷺ في أول الأمر لا يصلى على الميت الذي عليه دين، لأن الصلاة شفاعة له، ثم فتح له أن يتحمل دين الأموات ويسدد من بيت المال؛ فهذا يدل على خطورة الدين؛ فللإمام أن يترك الصلاة على المدين: عن جابر، قال: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - لا يُصَلِّي على رجلٍ مات وعليه دَين، فَأُتي بميتٍ، فقال: "أعليه دين؟ " قالوا: نعم ديناران، قال: "صَلُّوا على صاحبكم" فقال أبو قتادةَ الأنصاريُّ: هما عليَّ يا رسول الله، فصَلَّى عليه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فلما فتحَ اللهُ على رسوله قال: "أنا أوْلَى بكُلِّ مُؤمِنٍ من نفسِهِ، فمَن تَركَ ديناً فعَلَيَّ قَضاؤُهُ، ومَن ترك مالاً فلِورثتِه." ويجوز أن يتحمل دين الميت أحد من المسلمين كما دلت عليه قصة أبي قتادة. والمدين معذب في قبره حتى يسدد عنه الدين أو يقتص به يوم القيامة؛ فلما سدد أبو قتادة الدين عن الميت قال النبي ﷺ: "الْآنَ بَرَدَتْ عَلَيْهِ جِلْدُهُ." وهذا الضمان بنية التبرع لا يريد به رجوعاً بحال؛ ولا يتبرأ الميت بتحمل الدين فقط، فلا بد من أداء الضمان والسداد.

 

أما حديث "مَن وجَدَ عَينَ مالِه عندَ رَجُلٍ، فهو أحَقُّ به ويتّبع البيِّعُ مَن باعه" وفي لفظ: "إِذَا سُرِقَ مِنَ الرَّجُلِ مَتَاعٌ، أَوْ ضَاعَ لَهُ مَتَاعٌ، فَوَجَدَهُ بِيَدِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ.

" فيه مسائل، منها: 1/ مسألة الظفر بالحق وهو أن من وجد ماله بعينه عند رجل فهو أحق به فله أن يأخذه، و2) على المشتري أن يأخذ ماله من البائع – ففي هذا حفظ حقوق الناس.

 

كتاب التفليس: أي متى يثبت التفليس وما أحكامه

والمفلس هو من أصابته كارهة فذهب ماله، فلا يشدد عليه في سداد ديونه؛ لأن المفلس معسر وقال الله تعالى ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾ [البقرة: 180] والحديث: أُصِيبَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا، فَكَثُرَ دَيْنُهُ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ" قَالَ: فَتَصَدَّقَ النَّاسُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دَيْنِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ، وَلَيْسَ لَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ." أما المليء فلا يترك حتى يسدد وهذا معنى الملازمة فهو يحل العقوبة والشكاية عند الحاكم كما في الحديث: "لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ، وَعُقُوبَتَهُ" قَالَ وَكِيعٌ: "عِرْضُهُ: شِكَايَتُهُ، وَعُقُوبَتُهُ: حَبْسُهُ." ومن وجد ماله بعينه عند مفلس فهو أحق به وليس للغرماء الآخرين حق فيه، كما في الحديث "مَنْ وَجَدَ مَتَاعَهُ عِنْدَ مُفْلِسٍ بِعَيْنِهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ." أما إذا تفرق ماله أو تغير أو قد أخذ بعض ثمنه فهو مثل سائر الغرماء. وهذا في المفلس الحي، أما الميت فلو وجد سلعته عند ميت لا يجوز له أخذها من التركة.

بعض الفوائد من الدرس:

  1. الحث على المبادرة للسداد
  2. خطورة الدين والتأخر بسداده
  3. وجوب قبول الحوالة على المليء الغني القادر على السداد غير المماطل
  4.  الحوالة والضمان إحسان وتعاون وإرفاق.
  5. الحث على تسهيل أمور المعسر
  6. التشديد على المليء وجواز حبسه وشكايته
  7.  من وجد ماله عند مفلس ولم يتغير فهو أحق به