شرح نواقض الإسلام 20-05-1437هـ


بِسْمِ اللهِ الَّرَحْمَنِ الَّرَحِيم
الحَمدُ للهِ رَبِ الْعَالمِين وَصَلَّى اللَهُ وَسَلَمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمد وَعَلَى آلِهِ وَصْحَبِهِ أَجْمَعِين.
المتن: قال المُصنف -رحمه اللهُ تعالى-:
السَّابِعُ:
السِّحْرُ: وَمِنْهُ: الصَّرْفُ وَالعَطْفُ.
الشيخ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَهُ وَسَلَمَ عَلَى عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصَحْابِهِ أَجْمَعِينَ.
الشرح:
السابع من نواقض الإسلام السحر؛ والسحر على نوعين:
سِحرٌ تخيَّلي: على العيون فقط، وسِحرٌ حقيقي.
السِحر التخيَّلي: وهو أن يتخيل للإنسان أن الأشياء تتغير، من حالٍ إلى حال أمام العين، بحيث يرى شيئًا لا حقيقة له، وإنما هو على العين فقط، يعملون "القًمرة" يسَمَّونها "القُمرة"، يخيل إلى الإنسان أن الإنسان يكون كلبًا، أو الكلب يكون إنسانًا أوغير ذلك، ما يُخيل للعين غير الحقيقة، كما قال اللهُ -جَلَّ وَعَلاَ- عن سَحْرةِ فرعون: أنهم لمَّا جاءوا في الموعد الذي حدده فرعون ليناظروا مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلامُ- وأنهم سيغلبونه وتبطُل دعوة مُوسَى في الرسالة من ربه -عَزَّ وَجَلَّ-.
 جمع الناس وجمع السَحْرة، وجاء مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلامُ- معه عصاه، (وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) كما قال اللهُ -جَلَّ وَعَلاَ- فلمَّا (أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ) إلى مُوسَى -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلامُ- (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى* فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى* قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى* وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ) يعني العصا (تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا) تبتلع ما صنعوا كله، في الوادي، فلما ألقاها التقمت كل ما في الوادي من معروضاتهم، ودبتَّ إلى فرعون وقومه، خشيةً أن تصل إليه، فناشد مُوسى أن يَكُفها عنه، فاللهُ -جَلَّ وَعَلاَ- جعل الغَلَبْةِ لمُوسى، (فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ* وَأُلْقِيَ السّحَرَةُ سَاجِدِينَ)، لما رأوا أن مع مُوسى ليس سِحرًا، لأنهم أصحاب فن ويعرفون السحر، فلمَّا عرفوا أن ما مع مُوسى من الحقيقة، سجدوا لله وأسلموا. فقتلهم فرعون -لعنه الله- قتل السحرة لكنهم صبروا على ذلك، (وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ) هذه عاقبة السحرة؛ أسلموا وماتوا على الإسلام! وغُلب فرعون وقومه أمام العالم، وبطل سحرهم أمام عصا مُوسَى -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلامُ- لأنها مُعجزةٌ من الله، ما للسحر فيها دخل، إنما هى فعل الله وصنع الله -عَزَّ وَجْلَّ- (فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ* وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ* قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ* رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ). فتهددهم فرعون أن يرجعوا فأبوا، أبوا أن يرجعوا عن دينهم فقتلهم لعنه الله، هذا السحر التخيلي.
النوع الثاني: السحر الحقيقي؛ الذي يؤثر المرض في الجسم، ويؤثر الخبْل في الجسم، هذا سحرٌ حقيقي -العياذ بالله-، منه الصرف والعطف يفرق بين المرء وزوجه، ويحبَّب الزوجين بعضهما إلى بعض. فهذا من أنواع السِحر.  
 المتن:
السَّابِعُ:
السِّحْرُ وَمِنْهُ: الصَّرْفُ وَالعَطْفُ.
الشرح:
عرفناه.
المتن:
 فَمَنْ فَعَلَهُ أَوْ رَضِيَ بِهِ كَفَرَ.
الشرح:
من فعل السحر كَفَر، السحر كُفُر،(وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو) اليهود، (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ) أي تتناقله، (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ) أي في عهد ملك سليمان، قال اللهُ -جَلَّ وَعَلاَ- (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ) ما سحر سليمان، فعبر عن السحر بالكفر، يعني ما سحر،(وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ) لأنهم قالوا: "هذا من فعل سليمان"، ردَّ اللهُ عليهم بقوله: (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ) أي ليس هذا من فعل سليمان لأنه كفر، وسليمان رَسُولِ اللهِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلامُ- (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا) بسبب ماذا؟ (يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ). والملكان اللذين أنزلهما اللهُ يختبران الناس، يعلمان الناس السحر ابتلاءً وإمتحانًا، ليتبيَّن من يثُبت على دينه ومن ينحرف، (وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ) الملكان، (وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَد حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ) اختبار، (فَلا تَكْفُرْ) لا تتعلم  السحر، فدلَّ على أن السَحَرَ كُفرٌ تعلمه وتعليمه، والعياذ بالله.   
المتن:
 فَمَنْ فَعَلَهُ أَوْ رَضِيَ بِهِ كَفَرَ.
الشرح:
ومن رَضِي به ولو لم يعمله، لكن يقول هذا السحر فنٌ من الفنون، ولا بأس به، حرفةٌ وفنٌ من الفنون، هذا إذا رضي بالسحر فيكون  كافرًا، لأنه رضي بالكُفُر وجوزَّ الكفر.
المتن:  
 وَالدَلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ).
الشرح:
أنزل اللهُ من السماء ملكين؛ هاروت وماروت، لإختبار العباد من يثبُت على دينه ومن يتعلم السحر، فيكفر بذلك، والملكان ملائكة من ملائكة الله عندهم نُصح، (وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ)، أي أنزلنا اللهُ فتنة لنختبر الناس من يثُبت على دينه ومن ينحرف، يتعلم السحر، (إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ)، لا تتعلم السحر هذا من نصحهما لبني أدم؛ فدلَّ على أن السحر كفر؛ (فَلا تَكْفُرْ) يعني لا تتعلم السحر.
المتن:
الثَّامِنُ:
مُظَاهَرَةُ المُشْرِكِينَ، وَمُعَاوَنَتُهُمْ عَلَى المُسْلِمِينَ.
الشرح:
الثامن من أنواع نواقض الإسلام مظاهرة المشركين، على المسلمين، معاونتهم، معاونة الكفار على المسلمين في الحروب وغيرها؛ فمن انضم للكفار ضد المسلمين فهو كافرٌ وإن كان يصلي ويصوم ولكن حملهُ الطمع، أو حمله البغض للمسلمين بأن انحاز إلى الكُفار، وصار معهم وهو يصلي ويصوم وهُوَ "يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ" ، لكن انضمامه إلى الكفار ومعاونتهم على المسلمين يَكْفُر بذلك ويخرج من دينه.
المتن:
 وَالدَلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
الشرح:
(وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) يحبهم ويعينهم ويناصرهم ويعينهم على المسلمين، (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) أي من الكفار، فدلَّ على الردة، على ردة من فعل ذلك وانضم إلى الكفار ضد المسلمين، وأنه يخرج من دينه وإن كان يصلي ويصوم ويشهد "أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ" إلا أنه أبطل ذلك بانضمامه إلى الكفار، ومساعدة الكفار على المسلمين.
و؛ليس من هذا: المعاهدة مع الكفار، وتبادل المصالح مع الكفار، وعقد الشركات والتجارات، ليس هذا من الردة كما يظنه الجهال، هذا من أخذ المصالح والاستعانة بها، أخذ المصالح المباحة والإنتفاع بها، يجوز التعاهد مع الكفار، يجوز عقد المعاهدات معهم في صالح المسلمين، الرَسُول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صالح الكفار في الحديبية، صالحهم في الحديبية لأجل مصلحة المسلمين، فدلَّ على أن التعامل مع الكفار في أمور الدنيا ولمصالح المسلمين وعقد المعاهدات معهم، أن هذا ليس من موالاة الكفار؛ بل هو في صالح المسلمين.
المتن:
التَّاسِعُ:
مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَسَعُهُ الخُرُوجُ عَنْ شَرِيعَةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم- كَمَا وَسِعَ الخَضِرُ الخُرُوجَ عَنْ شَرِيعَةِ مُوسَى عَلَيهِ السَّلَامُ، فَهُوَ كَافِرٌ.  
الشرح:
اللهُ -جَلَّ وَعَلاَ- أرسل محمدًا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم- إلى الناس كآفة؛ كآفة العالم، كلهم أرسل الرَسُول محمدًا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم- إليهم كآفة، قال اللهُ تَعَالَى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) لكل الناس، قال -تَعَالَى- (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً )، وقال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم-: «وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً»، هذا من خصائصه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم- فمن أنكر ذلك وقال أنه هو رَسُول الله ولكن إلى العرب فقط؛ فهو كافر، ولو قال أشهد "وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ" لكن إلَّا العرب؛ نقول له: "أنت كافر" لأن اللهُ يقول: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ)، فمن أنكر عموم رسالة النَّبِي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم- فهو كافر.
يقولون لماذ الخضر؟ والخضر هذا أتاه اللهُ علمًا وحكمةً ودينًا، ولماذا الخضر لم يتبع موسى؟ فدلَّ على أنه يجوز الخروج على محمدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم- كما وسع الخضر الخروج عن شريعة مُوسى.
 قلنا فيه فرق بين محمدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم- وبين مُوسَى، فإن محمدًا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم- بُعث إلى الناس كآفة، وأما موسى فإنما أُرسل إلى بني اسرائيل، (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ)، فمُوسَى -عَلَيْهِ السَّلامُ- إنما أُرسل إلى بني اسرائيل فقط، وليست رسالته عامة، هذا من خصائص نبينا محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم-. كل الرسل من نوح وباقى الرسل؛ كلهم رسالاتهم خاصة لأقوامهم، إلَّا محمدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم- فإن رسالته عامةٌ للعالمين. لماذا؟ لأنه خاتم النبيين، ولا يأتي بعده نَّبِيٌ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلامُ- إلى يوم القيامة.
المتن:
العَاشِرُ:
الإِعْرَاضُ عَنْ دِينِ اللهِ تَعَالَى لَا يَتَعَلَّمُـهُ وَلَا يَعْمَـلُ بِهِ،
الشرح:
الإِعْرَاضُ عَنْ دِينِ اللهِ تَعَالَى لَا يَتَعَلَّمُـهُ وَلَا يَعْمَـلُ بِهِ، لو تعلمه لا يعمل به، وهو يشهدُ "أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ"، ويصلي ويصوم لكنه لا يتعلم دينه، ولا يعمل بما يعمله من أمور الدين، بل يقتصر على أنه يصوم ويصلي فقط، ولو تسأله ما هو الإسلام؟ ما يدري! لو تسأله عن أنواع التوحيد؟ ما يدري! تسأله عن أمور ضرورية من أمور الدين، ما يدري!! ما يدري عنها لأنه لم يتعلم، وهو بإمكانه أن يتعلم، ولو كان عنده مانع من التعلم أو ما تمكن يُعذر بهذا، لكن إذا كان عنده إمكانية ليتعلم أمور دينه ، لكنه لم يتعلم، ولو تعلم شيئًا لم يعمل به، فهذا كافر، نسأل الله العافية؛ (وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ)، هذا هو الدليل.
المتن:
العَاشِرُ:
الإِعْرَاضُ عَنْ دِينِ اللهِ تَعَالَى لَا يَتَعَلَّمُـهُ وَلَا يَعْمَـلُ بِهِ، وَالدَلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ).
الشرح:
(وَمَنْ أَظْلَمُ)، أي لا أحد أظلم، أشد ظُلمًا (مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا)، ولم يعمل بها، (إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ) هذا وعيد على من فعل ذلك.
 وقال تَعَالَى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ)، إذا كان بإمكان الإنسان أن يتعلم أمور دينه الضرورية ولكنه ترك ذلك ولم يتعلم! فأنه يكفر بذلك لأنه أعرض (وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ)، هذا كفر الأعراض، لا يتعلمه ولو تعلمه لا يعمل به.
المتن:
   وَلَا فَرْقَ فِي جَمِيعِ هَذِهِ النَّوَاقِضِ بَيْنَ الهَازِلِ وَالجَادِّ وَالخَائِفِ إِلَّا المُكْرَهِ.
الشرح:
نعم لا فرق بين الجاد والهازل الذي يمزح، الله قال: لما قالوا: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا كُنَّا نَلْعَبُ وَنَتَحَدَّثُ بِحَدِيثِ الرَّكْبِ نَقْطَعُ بِهِ الطَّرِيقَ. وَكَانَ يَقُولُ: إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ" «مَا رَأَيْتُ مِثْلَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ أَرْعَبَ قُلُوبًا، وَلَا أَكْذَبَ أَلْسُنًا، وَلَا أَجْبَنَ عِنْدَ اللِّقَاء. يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ» هم في المجلس يتحدثون بينهم بهذا، عندهم شاب أنكر عليهم، ثم ذهب للرَسُول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليخبره عن شأنهم، فوجد الوحيَّ قد سبقه؛ سبق الشاب ونزل القرآن على الرَسُول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقال: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ* لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ)، فجاءوا إلى الرَسُول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعتذرون إليه وقد ركب الناقة "يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا كُنَّا نَلْعَبُ وَنَتَحَدَّثُ بِحَدِيثِ الرَّكْبِ نَقْطَعُ بِهِ الطَّرِيقَ" ولا يزيد الرَسُول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في جوابه لهم بقوله: (قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ* لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ)، فأعرض عنهم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومضى في طريقه، وهم متعلقون بالناقة من كل جانب، يا رَسُول الله، يا رَسُول الله! وهو لا يلتفت إليهم عملَا بقول -تَعَالَى-: (قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ* لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ). نسأل الله العافية.
والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.