الدستور الإلهي لا اعتراض عليه ولا خيار فيه


قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) في هذه الآية الكريمة:

1-     فيها ضرورة وجود أولي أمر في المجتمع من الولاة والعلماء ينتهي إليهم في حل مشاكل الأمة والنظر في مصالحها ودفع المضار عنها حيث:

 

لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم        ولا سراة إذا جهالهم سادوا

 

2-     فيها وجوب طاعة أولي الأمر بعد طاعة الله ورسوله فيما لم يتجاوزوا فيه ما شرعه الله ورسوله.

3-     فيها الرجوع إلى الكتاب والسنة في حل النزاعات التي تحصل في المجتمع لأن كل نزاع فإنه يحله الكتاب والسنة عند الرجوع إليهما بإيمان وصدق ويكون ذلك على أيدي العلماء الذين يستنبطون الحكم منهما بأهلية وجدارة.

4-     فيها أن من لم يرجع في حل النزاعات والخصومات إلى الكتاب والسنة فليس بمؤمن بالله واليوم الآخر.

5-     فيها أن تحكيم الكتاب والسنة في كل نزاع عبادة لله سبحانه وليس القصد منه حل النزاع فقط بل هو عبادة يتقرب به إلى الله عز وجل.

6-     فيها أن تحكيم الكتاب والسنة في حل النزاعات وإنهاء الخصومات خير للناس في عاجل أمرهم وآجله وفيه قناعة تامة للمؤمنين، ولهذا قال في ختام الآيات: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)، ففي هذه الآية الكريمة:

1-     فيها نفي الإيمان نفيا مؤكد بالقسم من الله سبحانه أنه لا يتحقق إيمان المتنازعين والمتخاصمين حتى يحكموا الرسول صلى الله عليه وسلم فيما اختلفوا فيه وهذا في حال وجوده صلى الله عليه وسلم وفي حال وفاته يكون ذلك بتحكيم سنته.

2-     فيها وجوب تحكيم الرسول صلى الله عليه وسلم في كل نزاع وكل اختلاف لا في الخصومات المالية فقط ولا في الأحوال الشخصية فقط بل لا بد من العقائد والأحزاب والمذاهب والمقالات.

3-     فيها وجوب القناعة التامة بحكم الرسول صلى الله عليه وسلم فمن لم يقنع بذلك فليس بمؤمن.

4-     فيها أنه لا تكفي القناعة في الظاهر بل لا بد من القناعة بحكم الرسول في الظاهر والباطن.

5-     فيها وجوب التسليم التام لحكم الرسول صلى الله عليه وسلم وعدم الاعتراض عليه لأنه حق وعدل لا مرية فيه.

6-     فيها أن غير حكم الرسول صلى الله عليه وسلم لا تحصل به القناعة لأنه عمل بشري لا يسلم من الخطأ أو الحيف والهوى ولهذا تجد الناس مع الدساتير البشرية دائما في اضطراب وفوضى.

7-     فيما أنه لا يرجع إلى تصويت الناس على الدستور الإلهي لأنه صادر عن حكيم خبير: (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ)، ويرضى به كل مؤمن سواء حكم له أو عليه: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً)، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.

 

كتبه

صالح بن فوزان الفوزان

عضو هيئة كبار العلماء

1434-02-09هـ

صورة للمقال