الحذر من فتنتي الشبهات والشهوات


الخطبة الأولى

الحمد لله الذي هدنا للإسلام، وأوصانا بالتمسك به إلى الممات، وأشهدٌ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وألهيته وما له من الأسماء والصفات، وأشهدٌ أن محمداً عبده ورسوله، المؤيد بالمعجزات والبينات، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ذو المناقب والكرامات، وسلم تسليماً كثيرا،   أما بعد:

أيُّها الناس، اتقوا الله تعالى، واشكره على نعمة الإسلام، الذي هدانا الله إليه، وأمرنا بالتمسك به إلى الممات قال تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)، (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمْ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).

عباد الله، واحذروا من الفتن التي تصدوا عن هذا الإسلام وتخرج من الدين، أو تقلل من قيمته عند بعض الناس، فإن الفتن كثيرة وهي تنقسم إلى قسمين: فتنة في الشبهات، وفتنة في الشهوات، أمَّا فتنة الشبهات فإنها توقع في الشرك بالله عز وجل، وتوقع في البدع والخرافات، توقع في الشرك بالله، لأن يعبد غير الله من الأشجارِ والأحجار والقبور والمشاهد والأضرحة، ويقولون إن هذا من عبادة الله ولا يعتبرونه شركاً وهذا أعظم الفتنة:(أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ، يقولون:(مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)، (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ) فهم يقولون نحن نعلم أنهم لا يُخلقون ولا يرزقون ولا يدبرون من الأمر شيء وإنما نتخذهم وسائط ووسائل بيننا وبين الله لقربونا إلى الله، ويشفعون لنا عند الله، ويصرفون لهم من أنواع العبادات من الذبح والنذر والاستغاثة وغير ذلك ما يجعلهم من المشركين البعيدين عن الله سبحانه وهم يزعمون أنهم يتقربون إلى الله سبحانه وتعالى، وكذلك فتنة الشبهات تُوقع في البدع والمحدثات التي تصدوا عن دين الله تستبدله بغيره من الخرافات والتَّرهات والأباطيل وهذا ما خشي علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار ، وقال صلى الله عليه وسلم: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ، فكثيرٌ من الناس لا يرغبون في السنة ولا يحبونها، وإنما يُحبون البدع والمحدثات والخُرافات ويتقربون بها إلى الله عزَّ وجل، ويعادون أهل السنة، ويحبون أهل البدعة ويتحزبون ضدهم، ويعيرونهم ويلقبونهم بأشنع الألقاب لا بشيء إلا أنهم تمسكوا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتخذوا السنة بدعة، والبدعة سنة، وعكسوا الأمر كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، قد حذرنا صلى الله عليه وسلم من ذلك أشد التحذير، ودنيا الناس اليوم لا أقول دنيا العالم بل أقول دنيا المسلمين المتسمين بالإسلام تعجوا بهذين الخطرين الشديدين الشنيعين الشرك بالله عز وجل الشرك الأكبر مخرج من الملة، والبدع، والمحدثات التي تصرف المسلم عن دينه، وتبدله بدين غير دين الله، فلنحذر من هذا أيها الناس، فلنحذر من هذا ولنصبر على دين الله، ولنتمسك به، مهما كلفنا ذلك من المشقة، ومن الغربة بين الناس، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لأصحابه فإن من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا إليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فلنتقى الله في ديننا ولا نساوم عليه ولنثبت عليه مهما كلفنا من الثمن قال صلى الله عليه وسلم: بدأ الإسلام غريباً ، الإسلام الصحيح لا الإسلام المدعى أو الإسلام بالاسم بل الإسلام الصحيح، بدأ الإسلام غريباً الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ليس الإسلام الذي جاء به المبتدعة والخرافيون بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء، قالوا: من الغرباء يا رسول الله، قال: الذين يُصلحون إذا فسد الناس ، وفي رواية: الذين يُصلحون ما أفسد الناس ، وهذا يحتاج إلى أمرين يحتاج إلى العلم الذي به نعرف دين الله حق المعرفة ولا تروج علينا البدع والخرافات والشركيات بل نعرف ديننا بتعلمه، وتلقيه من الكتاب والسنة وهدي السلف الصالح، والأمر الثاني الصبر، الصبر عليه فإن من يتمسك بهذا الدين سيلقى من الناس مضايقات يلقى منهم احتقاراً، يلقى مطاردات، يلقى أمور كثيرة فعليه بالصبر على دينه، فإنه يأتي زماناً كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم يأتي على الناس زمانٌ يكون القابض على دينه كالقابض على الجمر لشدة ما يلقى من الناس، فنصبر على ذلك ونوطن أنفسنا على ذلك مهما كلفنا الأمر ما دمنا على الحق وهم على الباطل، وأمَّا فتنة الشهوات فهي كثيرةٌ جدا فتنة الشهوات فيما تشتهيه الأنفس، فيتبع الشهوات:(خَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً)، شهوة الفروج، وشهوة البطون، وشهوة الأموال،هذه من أخطر ما يكون على دينه، وشهوة الرئاسة، والوظيفة، هذه من أخطر ما يكون على دين المسلم، شهوة الفروج تُوقع في الزنا واللواط والاستمتاع المحرم، والعياذ بالله،(وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً)، وفتنة البطون توقع في أكل الحرام، توقع في أكل الربا، في آكل مال اليتيم، توقع في أمور كثيرة، توقع في تناول المحرمات من الخمر وغيره من المشارب المحرمة، والمأكل المحرمة، كل ذلك من فتنة الشهوات، فتنة شهوة المال، وحب المال توقع في الربا الذي هو من أعظم المُوبقات، توقع في الرشوة التي لعن النبي صلى الله عليه وسلم أخذها ومُعطيها والساعي فيها لعنهم جميعاً صلى الله عليه وسلم، والرشوة هي ما يدفع إلى المسئول وإلى الموظف من أجل أن يحيف مع الدافع، من أجل أن يعطيه من غير حقه، من أجل أن يظلم الناس ويعطي حقوقهم لغيرهم هذه هي الرشوة الملعونة، ملعون من فعلها، كثيرون من الناس اليوم خصوصاً الموظفين لا يعيشون إلا على الرشوة في الشركات، في المقاولات حدث ولا حرج في جميع أمور الناس إلا من رحم الله عز وجل، فتنة الرشوة التي أوقعت كثير من الناس في أكل أموال الناس بالباطل، أوقعت الناس في الظلم، أوقعت الناس، أخربة نظام دولة هي الرشوة، والعياذ بالله، الرشوة، كذلك القمار، القمار وهو الميسر الذي هو قرين الربا، في كتاب الله:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ)، والقمار، والرشوة هي القمار وهي المغالبات والمراهنات التي تؤخذ عليها الأموال، والمسابقات إلا ما استثنه الرسول صلى الله عليه وسلم مما فيه مصلحة للدين لا سبق إلا في ثلاث نصلٍ أو خوفٍ أو حافر ، فالسباقة في الرماية، والمسابقة في ركوب الخيل لأجل الجهاد، والمسابقة في ركوب الإبل لأجل الجهاد في سبيل الله والتدرب على ذلك، هذا حلال تؤخذ عليه المسابقات والجوائز، أمَّا ما عدا ذلك فلا يجوز أخذ الجائزة على أيَّ مراهنة، وعلى أيَّ مغالبة، لأنها من أكل أموال الناس بالبطل فهذه فتنة الأموال، والعياذ بالله، فتنة الرئاسة والترؤس كم من ضيع دينه؟ من أجل أن يحصل على منصبِ مرتفع، من اجل أن يحصل على منصبِ مرتفع ولو ببيع دينه، والعياذ بالله قال صلى الله عليه وسلم: ما ذئبان جائعان أرسل في زريبة غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال، والشرف لدينه ، حرص المرء على المال يوقعه في جميع المكاسب المحرمة، حبٌه على الشرف والرئاسة يوقعه في بيع دينه وقد قال صلى الله عليه وسلم: اتقوا الفتن، وتجنبوها ، وحذر منها صلى الله عليه وسلم بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافرا، يمسي مؤمنً ويُصبح كافرا يبع دينه بعرض من الدنيا ، يبع دينه بعرض من الدنيا سواً بالرئاسة أو بالمكاسب المحرمة كثيرون من الناس لا يُبالي، ويأتي على الناس زمان كما في الحديث لا يبال المرء من أين اخذ المال أم من حلال أو من حرام.

فلنتقى الله، عباد الله، ولنحذر من هذه الفتن المظلة التي أظلت كثيراً من الناس، وصددتهم عن دين الله، وباعوا دينهم بدنياهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ  بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من البيان والذكر الحكيم، أقولٌ قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

          الحمد لله على فضله وإحسانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليماً كثيرا،    أما بعد:

أيُّها الناس، اتقوا الله تعالى، قال حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه:سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالتُ: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر، فأتانا الله بهذا الخير أفأ بعد الخير من شر، قال: نعم دعاة على أبواب جهنم من أطاعهم قذفوه فيها ، إن هذه الفتن التي سمعتم بعضها وما لم تسمعه أكثر، إن هذه الفتن لها دعاة، والعياذ بالله، دعاة ضلال من المنافقين، ومن العلمانيين، ومن علماء الضلال يدعون إليها دعاة على أبواب جهنم يتخذون وسائل الإعلام من صحافة وإذاعة وتلفازه وانترنت وفضائيات يتخذونها للدعاية إلى الفتن والشرور على أبواب جهنم من أطاعه قذفوها فيها، كم أهلكت هذه الوسائل؟ كم أهلكت الفضائيات؟ كم أهلكت الانترنتات؟ كم أهلكت الصحف؟ كم أهلكت الكتب الضالة؟ كم أهلكت من أمم؟ وغيرت من دين المسلمين، فلنتقى الله، لنبتعد عن هذه الفتن وعن دعاة الضلال، إن هؤلاء الدعاة ليسوا من أوروبا وأمريكا فقط إنهم من أبنائنا مع الآسف، ومن بين أظهرنا، إنهم تتلمذوا على أوروبا وعلى أمريكا، ويردون أن يغربونا، وأن يبعدونا عن ديننا في وسائل الإعلام، فعلينا أن نتقي الله، وأن نحذر من هذه الفتن، وأن نبعدها عن بيوتنا وعن أولادنا ونسائنا أن نحافظ على ديننا، وأن نصبر عليه، وأن نترك وسائل الشر التي تدخل علينا الفساد، في الزمان الماضي كان الشر بعيداً في بلاد الكفار، وفي البلاد البعيدة، وكانت بلاد المسلمين في منئاً عنه، أما اليوم فقد اختلاط العالم، اختلاط الحابل بل النابل، تقاربت الدنيا حتى صارت كأنها بلد واحد ما يجري في أقصاه يصل إلى أقصاه في أسرع وقت، وأيسر زمان وهذا من الفتنة التي أرادها الله وقدرها على الناس، ابتلاً وامتحاناً وهذا أخر الزمان الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فعلينا علينا جميعاً أن نحذر من ذلك، وأن نتخذ الوسائل الكفيلة التي تحصيننا من هذه الشرور، إن خيار الناس لم يُزكوا أنفسهم عند الفتن لما كثر الشرك في عهد إبراهيم عليه الصلاة والسلام خاف على نفسه فقال:(وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ* رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) قال بعض السلف: ومن يأمن البلاء بعد إبراهيم، خاف على نفسه، وهو الذي كسر الأصنام، وهو الذي صبر على البلاء العظيم، وهو الذي قاوم الشرك، خاف على نفسه أن يفتن كما فتن هؤلاء لأنهم بشر، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعاه: يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك، تقول له عائشة رضي الله عنها: وأنت تخاف يا رسول الله، قال: يا عائشة وما يؤمنني وقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن إذا أراد أن يقلب قلب عبدِ قلبه ، فلا يأمن الإنسان على نفسه، ولا على دينه، ولا على أولاده من هذه الفتن، عليه أن يحذر منها غاية الحذر، عليها أن يبتعد عنها،عليه أن يقاومها، عليه أن يتمسك بدينه، ومن أشد الفتن التي تصدوا عن دين الله، وتفرق الدين التحزبات والجماعات التي تفرق المسلمين، فالله جل وعلا أمرنا أن نكون جماعة واحدة وأمة واحدة وألا نتفرق كما تفرق من كان من قبلنا:(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)،(وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)،( إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)، فأمر الله جل وعلا أن نكون أمَّة واحدة، نعبد الله وحده لا شريك له، ولا نتفرق في دين الله إلى جماعات إلى أحزاب إلى إلى، نحن جماعة وحزب واحد، حزب الله:(أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْمُفْلِحُونَ)، فعلينا أن نحذر يا عباد الله، وهذا من أشد الفتن التفرق والاختلاف والنزعات والنزغات كلها تصدوا عن دين الله، وتوقع العداوة والبغضاء بين المسلمين حتى يتعادوا ويتفرقوا:(قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) هذه أخطر:(أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً)أيَّ جماعات متفرقة (وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ)، وما تشاهدونه اليوم من القتل والتدميرِ ما تشاهدونه من إجلال المسلمين عن بيوتهم، وعن ديارهم، ما تشاهدونه إنما نتيجة للتفرق والاختلاف، وإلا لو اجتمع المسلمون وكانوا أمَّةً واحدة ولم يقبلوا رشاوة العدو، ولم يقبلوا تدخلات العدو، لو تمسكوا بدينهم ما قدر أحد من أهل الأرض على أن يزحزحهم، وإنما تمكن العدو منهم بسبب التفرق والاختلاف.

فلنتقى الله، يا عباد الله، ولنتمسك بكتاب الله، اعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هديِّ محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.

وعليكم بالجماعة، فإن يد الله على الجماعة ومن شذَّ شذَّ في النار، (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك نبينا محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين، الأئمة المهديين، أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن الصحابة أجمعين، وعن التابِعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين.

اللَّهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً، وسائر بلاد المسلمين عامةً يا رب العالمين، اللَّهُمَّ أصلح ولاة أمورنا، اللَّهُمَّ وفقهم لما فيه صلاحهم وصلاح الإسلام والمسلمين، اللَّهُمَّ أصلح بطانتهم وابعد عنهم بطانة السوء والمفسدين، اللَّهُمَّ عن تعوذ بك من مضلات الفتن، اللَّهُمَّ إن نعوذ بك من دعاة الضلالة، اللَّهُمَّ إن نعوذ بك من دعاة الفتنة، اللَّهُمَّ عن نعوذ بك من جند الشيطان، اللَّهُمَّ احمنا من شررهم، اللَّهُمَّ ادفع عنا ضررهم، اللَّهُمَّ مسكنا بديننا، وأصلح لنا ديننا الذي به عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا الذي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، وجعل الحياة زيادةً لنا من كل خير، واجعل الموت راحةً لنا من كل شر.   

عبادَ الله، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)،(وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)،فاذكروا اللهَ يذكُرْكم، واشكُروه على نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرُ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.