تفسير الآية من سورة يونس:ـ (وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ)


السؤال
نبدأ بتفسير هذه الآية المباركة في قول الحقِّ- تبارك وتعالى- من سورة يونس،أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
الاحابة
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربالعالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آلهِ وأصحابهِ أجمعين، في هذه الآية المباركة يردُ اللهُ على مقالة المشركين أنَّ القُرآن ليس كلامَ الله، وإنما هو كلامُ محمد، وإنَّ محمدًا اختلقهُ ونسبهُ إلى اللهِ- عزَّ وجل- هكذا يقولون، ( إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ* إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ) والله ردّ عليهم بأنَّ هذا القُرآن كلامهُ- سبحانهُ وتعالى- ووحيهُ إلى رسوله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال سبحانه- (وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ) كما يقولهُ المشركون، ومن شابههم من أهل الإلحاد، (وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) أي الذي سبقهُ من الكُتب والرُسل فهذا القرآن سبقهُ كُتب أنزلها اللهُ على رسلهِ وهذا الرسول سبقهُ رُسل أرسلهُم الله إلى أُممهم (قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنْ الرُّسُلِ ) فهو ليس-عليهِ الصلاة والسلام- إلا مُصدِقًا لما سبقهُ من إخوانهِ المرسلين، بل جاءَ بالحقّ وصدّقَ المرسلين، (وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ) (وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ) الذي أنزلهُ الله على رسوله والكُتب السابقة، فهو مُهيمنٌ عليها يُفصلُها ويُصدِقُها ويؤيدها، (لا رَيْبَ فِيهِ) لا ريب في هذا القُرآن العظيم، لأنه من عند الله- سبحانهُ وتعالى- كما قالَ- سبحانه- في مطلعِ سورة البقرة (ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ*)، (لا رَيْبَ فِيهِ) فهو- سبحانهُ وتعالى- ينفي عن كتابهِ ما يقولهُ المشركون، وما يرتابونهُ فيه، ويشكون فيه أنهُ من عندِ غيرِ الله، ( مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ) وهو الله- سبحانه وتعالى- ومن مُقتضى ربوبيتهِ للعالمين أن يُرسل إليهم الرُسُل وأن يُنزل عليهم الكُتُب لمصالِحهم، ولأجلِ تعليمهم ما ينفعهم، ونهيهم عن ما يضرهم، فلم يتركهم هَمَلا، بل إنهُ سبحانه- أرسل إليهم رُسلًا، وأنزلَ عليهم كُتبًا تُتلى عليهم، فهذا فيهِ تأييد هذا القرآن، وفيهِ الردّ على المشركين ومن شابههم ممن يقولونَ إنَّ هذا القُرآن إنما هو من قولِ محمد.