كلمات رمضانية 27-09-1434هـ



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين،

من آداب الصيام التي وردت بها الأحاديث مع ما دل ذلك من كتاب الله عز وجل: تأخير السحور وتعجيل الإفطار، والله يحب من عباده أن يتسحروا وأن لا يصوموا بدون سحور وهم يردون بذلك التقرب إلى الله فإن الله يريد منهم أن يتسحروا قال جل وعلا: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ)، كلوا واشربوا حث النبي صلى الله عليه وسلم على تأخير السحور، أن يتناول المسلم ما يعينه على الصيام من الأكل والشرب ما أباح الله له إلى أن يطلع الفجر الثاني وهو البياض المعترض في الأفق إذا كان يرى الفجر، أما إذا كان ما يرى الفجر فيعتمد على أذان المؤذنين في البلد، فإذا أذنوا أمتنع عن الأكل، وأما من يسهر الليل على قيل وقال لهو ولعب والله أعلم بما وراء ذلك ثم إذا أراد أن ينام ملأ بطنه ونام ولا يستيقظ عند الفجر لا يتسحر ولا يصلي الفجر، كيف هذا صيام؟ هذا ليس صياماً، الصيام التي تضيع فيه الفرائض والسنن هذا ليس صياماً.

يتنبه المسلم لهذا الشيء يؤخر السحور إلى قبيل طلوع الفجر لأجل أن يكون آخر أمره الأكل والشرب من آخر الليل حتى يتقوى به على الصيام، سماه النبي صلى الله عليه وسلم الغداء المبارك وقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى المُتَسَحِّرِينَ ، يعني: يثنون عليهم، لماذا؟ لأنهم يردون بذلك العبادة، التسحر آخر الليل عبادة لأنه وسيله إلى الصيام، والوسيلة إلى العبادة عبادة، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب كما هي القاعدة.

وكذلك الإفطار يبادرون بالإفطار إذا غربت الشمس قال صلى الله عليه وسلم الله جل وعلا قال: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)، إذا الصيام ما بين طلوع الفجر إلى غروب الشمس، فإذا غربت الشمس أفطر الصائم سواءً أكل أو لم يأكل انتهى الصيام قال صلى الله عليه وسلم: إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ ، انتهى الصيام.

فيستحب له أن يفطر كان النبي صلى الله عليه وسلم يفطر ويأكل الرطب ويشرب عليه الماء فإذا لم يكن هناك رطب فإنه يأكل تمراً، تمرا يعني: جافاً، والرطب هو أول التمر، كان يفطر على رطب فإن لم يجد فعلى تمر، وهو التمر الجاف القديم، فإن لم يجد فإنه يحس حسوات من ماء يعني: يجرع جرعات من ماء عليه الصلاة والسلام ليكون أول ما يصل إلى جوفه التمر ثم الماء لأنهما التمر مغذي والماء طهور هذا أول ما يصل إلى جوف الصائم، وإذا أضاف إلى التمر أشياء أخرى لا مانع لكن لا يترك التمر أو الرطب في وقته، يبادر به هذا هو سنة.

ثم يقوم لصلاة المغرب مع الجماعة، أما من يبسط الأكل والموائد ويترك صلاة المغرب مع الجماعة فهذا مخالف للسنة ترك الجماعة والجماعة واجبة بإمكانه أنه يفطر ثم يخرج ويصلي ثم يرجع يأكل ما شاء هكذا السنة.

وأما تأخير الإفطار عن غروب الشمس فهذا مذهب المبتدعة كالشيعة والخوارج الذين لا يفطرون إلا أذا أظلم الجو وظهرت النجوم هذا خلاف السنة - والعياذ بالله- .

وكذلك الوصال: هو عدم الإفطار بين اليوميين هذا يسمى بالوصال، هذا نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم الأمة وأمرهم بالإفطار وعدم الوصال، أما هو صلى الله عليه وسلم فكان يواصل الأيام بدون إفطار وهذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم ولهذا قال لما قالوا له: إنك تواصل، قال: إني لست كهيأتكم فهذا خاص به صلى الله عليه وسلم.

كما أنه يقوم الليل حتى تفطرت قدماه من طول القيام ولا أحد يضيق ذلك إلا الرسول صلى الله عليه وسلم، الرسول له خصائص: (وَمِنْ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ) هذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم.

فالوصال منهي عنه لأن الله يحب من عباده أن يفطروا قال الله جل وعلا في الحديث القدسي: أَحَبُّ عِبَادِي إِلَىَّ أَعْجَلُهُمْ فِطْرًا يعجل إذا تحقق من غروب الشمس، إما برؤية الغروب وإما بسماع المؤذنين في البلد فيفطر ويبادر بالإفطار هذا هو السنة.

وكذلك من سنة صيانة الصيام عما يخل به ولاسيما الذين ينامون النهار يسهرون الليل وينامون النهار ولا يصلون الفجر ولا الظهر ولا العصر ينامون إذا أقبل الصبح ملئوا بطونهم   ناموا ولا يستيقظون إلا عند الإفطار ولم يصلوا مرة عليهم صلوات الفجر والظهر أو ربما صلوا الفجر مع الناس ثم ناموا تركوا الظهر والعصر إلى أن يقوموا عند غروب الشمس لأجل الإفطار، يفطرون ويصلون الصلوات الماضية هذه لا تقبل، لا تقبل هذه الصلوات لأنها في غير وقتها وهم تركوها متعمدين أما قوله صلى الله عليه وسلم: رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ وذكر منهم: النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ هذا الذي لم يقصد النوم عن الصلاة؛ لكن غلبه ولا يريد يتخذ هذه عادة ولا تتكرر، إنما بعض الأحيان يغلبهم النوم مع نيته القيام هذا معذور، أما من يجعل هذا نظاما له ينام ويقول متى ما قمت أصلي ليست هواك الصلاة، الصلاة لها وقت: (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) ليس أنت التي تتصرف فيها إذا كانت تريد أن تصلي فصلى كما أمرك الله في الوقت ومع الجماعة، وأما إذا أخرجتها عن وقتها وتركت صلاة الجماعة فأنت مضيع لها: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ) ما تركوها لكن أضاعوا وقتها، والله لا يقبل الصلاة إلا في وقتها أضاعوا الصلاة، وفي الآية الأخرى: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) فهم مصلون لكنهم مصلون في الصورة ولكنهم غير مصلين في الحقيقة لأنهم كما أمرهم الله، الصلوات في مواقيتها ومع الجماعة ما صلوها، وإنما صلوا بعد ما خرج الوقت وتركوا الجماعة فهؤلاء لا صلاة لهم هذا مضيع للصلاة ولا تقبل منهم: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ) توعدهم الله بالويل وهو العذاب الشديد - والعياذ بالله -.

فعلى المسلم أن يتنبه لذلك أن ينقذ نفسه من النار أن لا يطاوع نفسه، أن لا يقلد المتساهلين والمتكاسلين، أن لا يقلد الناس المضيعين لدينهم ولصلواتهم، لا يقلد هؤلاء فيهلك معهم في جهنم.

على المسلم أن يحافظ على دينه، والصلاة هي عمود الإسلام، فليحافظ عليها ويؤديها كما أمره الله سبحانه وتعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى)، (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) المحافظة عليها أداءها في وقتها ومع الجماعة هذه المحافظة عليها.

فعلى المسلم أن يتنبه بذلك، كيف يصوم ويضيع الصلاة؟

الصيام هو الركن الرابع والصلاة هي الركن الثاني وهي عمود الإسلام، لا يقوم الإسلام إلا على الصلاة، كما لا يقوم البيت إلا على عمود، فكونه يضيع الصلاة لا يبقى له إسلام ولا يقوم له إسلام بدون الصلاة، وليست الصلاة مجرد صورة يصليها متى ما شاء؛ بل الصلاة المراد بها الصلاة التي شرعها الله على لسان رسوله، والصلاة صلاها الرسول وأمرنا بها، وهي الصلاة في وقتها ومع الجماعة، أسال الله أن ينصر دينه ويعلي كلمته، وأن يخذل أعداءه.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

***