كلمات رمضانية 04-09-1434هـ



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمَّد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

مما خص الله سبحانه وتعالى هذا الشهر به الصيام: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ).

والصيام: هو الإمساك عن الشهوات من الأكل والشرب والجماع وغير ذلك، وكذلك الإمساك عما حرم الله من الغيبة والنميمة والشتم والسب وقول الوزر وشهادة الزور، والصيام: صيام البطن والفرج، وصيام السمع والبصر، والقلب كل هذه تصوم:

فصيام البطن عن الأكل والشرب.

صيام الفرج عن الجماع.

وصيام السمع أن لا يستمع الكلام المحرم واللغو واللهو والمزامير والأغاني، ولا يستمع كذلك الغيبة والنميمة والسباب ينزه سمعه عن ذلك.

وصيام البصر أن يغض بصره عما حرم الله من النظر إلى النساء، النظر إلى الشاشات التي تعرض فيها، الصور المحرمة، والمشاهد المحرمة.

وكذلك يصوم قلبه عن الخواطر السيئة، والأفكار السيئة يشغله بذكر الله والتفكر بآيات الله سبحانه وتعالى.

هذه أنواع الصيام، لابد أن تتكامل فلا يصوم بعضها ويترك البعض الآخر، يصوم عن الأكل والشرب الجماع؛ ولكنه لا يصوم عن الغيبة والنميمة والسباب والشتم والكلام المحرم، لا يصوم عن المناظر المحرمة والمشاهد المحرمة، لا يصوم قلبه عن التفكر في الأشياء المحرمة والأفكار الخبيثة، الصيام لابد أن تتوفر فيه هذه الأمور، فالذي لا يصون صيامه عن الأكل والشرب هذا يبطل صيامه إذا تناول شيئا من المفطرات فإنه يبطل صيامه ظاهرا وباطنا، ويؤمر بالإعادة، والذي يصوم عن الطعام والشراب والجماع والشهوة؛ لكنه لا يصوم عن الغيبة والنميمة لا يصوم سمعه، لا يصوم بصره، لا يصوم قلبه عن الأمور المحرمة هذا ليس له ثواب في صيامه، هو لا يؤمر بالإعادة لأنه تجنب المفطرات الظاهرة فصيامه صحيح من هذه الناحية، لكنه ليس له فيه أجر، يذهب أجره، فيكون حظه من صيامه الجوع والعطش فقط فليس له ثواب، لأنه أفسده، لأنه لم يصوم سمعه ولم يصوم بصره عما حرمه الله سبحانه وتعالى، وأسهل الصيام ترك الأكل والشرب؛ ولكنه لا يكفي حتى تصوم جوارحه عما حرمه الله سبحانه وتعالى.

فعلى المسلم: أن يحفظ صيامه مما يخل به حتى لو سابه أحد أو شاتمه أحد فلا يرد عليه فليقل: إِنِّي صَائِمٌ ، كما في الحديث: من سابه أحد فليقل: إِنِّي صَائِمٌ فلا يرد عليه، فكيف إذا بدأ هو، إذا كان الرد على الشاتم والساب لا يجوز فكيف بالابتداء بالشتم والسباب من الصائم؟ الأمر لا يليق ولا يجوز، ولا ينفعه صيامه يكون مجرد تعب لا أجر له فيه.

فعلى المسلم: أن يحافظ على صيامه إذا صام بطنه وفرجه يصوم سمعه، ويصوم بصره، تصوم حواسه وجوارحه عن كل ما حرم الله سبحانه وتعالى، وذلك بأن يتجنب مواطن الفتنة، يتجنب مواطن الأغاني والمزامير ولا يفتح عليها في المذياع وغيره، يتجنب المناظر المحرمة فلا يذهب إلى الأسواق التي فيها النساء، يتجنب النظر في الشاشات التلفزيونية والسينما وغير ذلك مما يعرض فيها من الشرور والمفاتن، تعرض في هذه الوسائل التمثيليات والمسلسلات والخزعبلات والمضحكات فينشغل بها بعض الناس وهو صائم، ينظر إليها ويستمع إليها، أين الصيام؟

أتريد أن تهدم صيامك؟

أتريد أن يكون صيامك مجرد جوع وعطش فقط وليس لك به أجر؟

أبعد عن هذه الأشياء، يسلم لك صيامك، لا تجلس مع الناس الذين لا يكفون ألسنتهم عن الكلام المحرم، وعن الغيبة والنميمة تجنب مجالس السوء وجماعات السوء لا تجالسهم حفاظا على صيامك وإلا فإنك تتعب بلا فائدة.

فليتقي الله كل صائم، ويحفظ الصيام، ولا يكن تعباً بلا فائدة، لا يكون حظه من صومه الجوع والعطش كما في الحديث، ليس له فيه أجر.

فعلى المسلم: أنه يتجنب ما يخل بصيامه أو يبطل صيامه، يتجنبه حتى يسلم له صيامه، ولا يقول أنا صائم وأنا أحفظ نفسي ولا يضرني إلا من جالستهم، ولا ما يضرني إذا ذهبت إلى مواطن النظر والأسواق وغير ذلك يعني الأسواق التي فيها فتنة أما الأسواق النزيه التي ليس فيها فتنة فلا بأس لاسيما لحاجته ولاسيما إذا كان يبيع ويشتري الأسواق النزيه لا بأس بذلك؛ ولكن المراد الأسواق التي فيها فتن وفيها شرور، فيها معرض سيئة يتجنبها لا يذهب إليها محافظة على صيامه.

إذا الصائم يحافظ على صيامه كما يحافظ على ماله، يحافظ على ماله من السراق يجوده بالحروز وبالصناديق ويغلق عليه صيامه أولى بذلك، أن يحافظ عليه أولى من المال، أن يحافظ عليه وأن يجنبه ما يخل يه، ولا يكون يوم صومه ويوم فطره سواء مع أن المسلم يجب أن يكون دائما وأبداً متجنبا لما حرم الله؛ ولكن الصائم بالذات إذا فعل هذه الأشياء مع كونها محرمه ومؤثمه هي تجرح صيامه أيضا، وتذهب بثوابه وإلا ليس معناه أن إذ كان مفطرا أنه يذهب إلى مواطن الشر لا، كله محرم؛ لكن الصائم أشد لأنه مع كونه يأثم فإنه يبطل ثواب صيامه ليس له فيه أجر، فيكون خاسرة عليه بلا فائدة، هكذا يجب على المسلم أن يصوم بطنه، وأن يصوم فرجه، وأن يصوم سمعه وبصره، وجميع جوارحه عما حرم الله سبحانه وتعالى، والله تعالى أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

***