التمسك بالكتاب والسنة هو العصمة من الفتن وديننا يأبى المظاهرات والغوغائيات

 

التمسك بالكتاب والسنة هو العصمة من الفتن وديننا يأبى المظاهرات والغوغائيات

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد في هذه الأيام تعصف بالعالم الإسلامي والعربي فتن تهدد أمنهم واستقرارهم وتفرق جماعتهم وتزعزع دولهم بتخطيط من الأعداء وتنفيذ من الغوغائيين والأغرار من أبناء تلك الدول المستهدفة دون تفكير في العواقب ومآلات الأمور تأثراً بالوعود الكاذبة وجرياً وراء السراب الخادع حتى أصبحت لا تسمع ولا تقرأ في وسائل الإعلام إلا ما يزعجك من تقتيل وتشريد وسقوط حكومات وتغير أحوال وقد تحقق في هؤلاء الذين يوقدون تلك الفتن قول الرسول صلى الله عليه وسلم أنهم دعاة على أبواب جهنم من أطاعهم قذفوه فيها ، وقد رسم لنا النبي صلى الله عليه وسلم الخطة التي نسير عليها للسلامة من شر هؤلاء الدعاة لما سأله حذيفة بن اليمان رضي الله عنه لقوله: فما تأمرني إن أدركني ذلك قال صلى الله عليه وسلم: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم ، قال حذيفة رضي الله عنه: فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام قال صلى الله عليه وسلم: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك هذا بالنسبة للفرد وأما بالنسبة للأمة فقد أمرها صلى الله عليه وسلم عند حدوث الاختلاف والفتن بالتمسك بالكتاب والسنة حيث قال صلى الله عليه وسلم: فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ، وهذا تفسير لقول الله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)، [آل عمران: 103]، وقد وجدنا ثمرة هذه الوصايا الربانية والنبوية عندما عصفت تلك الأحداث الأخيرة التي سببت الهيجان والمطالبة بتغيير أنظمة الحكم في البلاد العربية والإسلامية وتضرر بها من تضرر من الشعوب والحكام وقد بقيت هذه البلاد السعودية آمنة مطمئنة لأن دستورها القرآن الذي (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) [فصلت: 42]، (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة: 50]، أما الدساتير البشرية فإنها لا تثبت أمام الهزات لأنها لم تبن على الوحي المنزل الصالح لكل زمان ومكان والذي لا يستطيع أحد أن يأتي بآية من مثله ولن يستطيع أحد أن يستدرك عليه (وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) [الرعد: 41]، ولما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن وقوع الفتن قيل ما المخرج منها يا رسول الله قال: كتاب الله أما الدساتير البشرية والقوانين الوضعية فهي عرضة للانتقاد ولا تصلح لكل زمان ومكان فهي تنهار عند أول حادثة فهي كبيت العنكبوت لا يقي من الحر ولا البرد ولا المطر ولا يصمد أمام الرياح، ولذلك أول ما رد به أهل هذه البلاد على الدعوة إلى الاضطرابات والمظاهرات والاعتصامات ردوا بأن ديننا يمنع من ذلك كله ولا يجيزه ويأمر بالهدوء والسكينة والتلاحم بين الراعي والرعية وينهى عن الفوضى ويأمر بالقضاء على الفتن وأهلها فهو ينهى عن البغي والعدوان والخروج على ولي الأمر ويأمر بالإصلاح بين البغاة والمبغي عليهم إن أمكن الإصلاح وإلا فإنها تقاتل الفئة الباغية حتى تفيء إلى أمر الله قال تعالى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ* إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الحجرات: 9-10]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من أتاكم وأمركم جميع على واحد منكم يريد أن يفرق جماعتكم ويشق عصاكم فاقتلوه ، هذه هو موقف الإسلام من الفتن وعلاجها عند حدوثها وهو موقف هذه البلاد حكامها وعلمائها ولله الحمد عندما حدثت هذه الفتنة وهو الموقف الذي ألجم كل عدو وعلم كل جاهل ونبه كل غافل ومن تمسك بهذا المنهج فلن تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض بإذن الله والحمد لله رب العالمين.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

كتبه

صالح بن فوزان الفوزان

عضو هيئة كبار العلماء

8 / 5 / 1432هـ

صورة للمقال