المظاهرات والفوضى ليست من النصيحة لولي الأمر

المظاهرات والفوضى ليست من النصيحة لولي الأمر

الحمد لله على نعمه الظاهرة والباطنة لا نحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وإلهيته وأسماءه وصفاته وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد أيها الناس اتقوا الله تعالى واشكروه على نعمه الظاهرة والباطنة (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)، ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله يرضى لكم ثلاثاً أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ، فهذا حديث عظيم من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم فقد أوتي جوامع الكلم وفصل الخطاب،  هذا الحديث فيه وصف الله جل وعلا بأنه يرضى كما أنه يرضى فهو يغضب ويكره وهو يرضى ويحب ويبغض ويكره كما يليق بجلاله سبحانه وتعالى، فهو يرضى لنا ثلاثاً ويكره لنا ثلاثاً يرضى لنا أن نعبده ويكره لنا أن نشرك به يرضى لنا أن نعبده وحده ويكره لنا أن نشرك به سبحانه كما قال جل وعلا: (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ)، يرضى لنا أن نعتصم بحبل الله وهو كتابه الكريم وسنة نبيه أن نعتصم بالكتاب والسنة ولا نلتفت إلى ما عداهما من الآراء والأهواء والأقوال والأنظمة البشرية والقوانين الوضعية المخالفة لكتاب الله ولسنة رسول الله، يرضى لنا أن نناصح من ولاه الله أمرنا وفي هذا إشارة أنه لا بد للمسلمين من ولاية لا بد من ولي أمر وأن الله جل وعلا شرع لنا أن ننصب ولي الأمر وأن نطيعه ولا نختلف عليه وأن نناصحه وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة ، قلنا لمن يا رسول الله قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ،  فهذا الحديث جمع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين كل أمور السعادة ونهاهم فيه عن كل أمور الشقاء أمرهم بوحدة العقيدة بعبادة الله وحده لا شريك له لأن الشرك يفرق الناس ويشتتهم ويوقع بينهم العداوات ولا يجتمعون أبدا كما كان عليه الأمر قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم لما كان العرب متفرقين في عباداتهم  منهم من يعبد البشر ومنهم من يعبد الشجر ومنهم من يعبد الحجر ومنهم من يعبد الجن والإنس، فكانوا متفرقين، فلما بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى التوحيد اجتمع شملهم وقامت دولتهم وقواهم الله على عدوهم فسادوا العالم بالعلم والسياسة وفتحوا القلوب بالعلم وفتحوا البلاد بالجهاد في سبيل الله حتى توحدت الأمة حتى توحدت على عبادة الله وحده لا شريك له واجتمعت على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بدل أن كانت تتحكمها الأهواء والرغبات والنزعات والنزغات، اجتمعت على كتاب الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم واجتمعت أيضا على إمام واحد بدل أن كانت كل قبيلة تحكم نفسها بنفسها ويعود الحكم إلى الشعوب وإلى الأهواء كما ينادى به الآن الحكم للشعب نحن نقول لا الحكم لله سبحانه وتعالى وبكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هذا الذي يصلح الناس ويجمع الناس كما جمعهم الله في أول هذه الأمة على كتابه وعلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكذلك وحدة القيادة فلا تكن القيادة متفرقة في البلد الواحد، بل قال صلى الله عليه وسلم: من أتاكم وأمركم جميع على واحد منكم يريد أن يشق عصاكم فاقتلوه ، فلا يجوز الخروج على ولاة أمور المسلمين بحكم الحرية وبحكم أن كل إنسان يعبر عن نفسه ويقول ما يريد من الخلط والهمط ومن الكلام الباطل ويفرغ ما في ذهنه، كلنا نرجع إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم،  (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)، هكذا أمرنا ربنا سبحانه وتعالى وهكذا كانت هذه الأمة ولا تزال ولله الحمد  بهذا أمرنا الله ورسوله ونهانا عن شق العصا وعن تفرق الكلمة وعن الحريات الباطلة، الحرية في طاعة الله وليست الحرية باتباع الهوى والشهوات، هذه عبودية وليست حرية الحرية في طاعة الله هي التي أنقذت الشعوب من ظلم الطغاة وأنقذت الشعوب من النزاعات والقتال والتناحر هي طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم هذه هي الحرية فالحرية في عبادة الله وحده وترك عبادة ما سواه هذه هي الحرية الصحيحة، وليست الحرية اتباع الشهوات واتباع الآراء والرغبات، وليست الحرية بأن يطلق الإنسان لسانه فيقول ما يريد من الهذيان ويحرض الناس بعضهم على بعض ليست هذه هي الحرية هذه هي البهيمية وهذه هي العبودية للشيطان فعلينا أن نتدبر ذلك علينا أن نتنبه لذلك،  وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ليس من النصيحة لولي الأمر الخروج عليه بالمظاهرات والفوضى والاعتصامات، هذه البهيمية هذه فكرة شيطانية، هذه تفرق، تسبب النزاع، تسبب القتال، تسبب السلب والنهب،  تسبب ضياع الأعراض تخرب البلاد، ما هي هذه الحرية ؟ فعلينا أن نأخذ بهذا الحديث وأمثاله من كتاب الله، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم، وكذلك من نصيحة ولي الأمر أن يقوم كل إنسان بما ولاه الله عليه وأسند إليه ولي الأمر من الوظائف والأعمال التي هي في مصالح الناس فيؤديها بأمانة ويقوم كل بما أنيط به من عمل، هذا من نصيحة ولي الأمر، وكذلك من نصيحته الاتصال به وإبداء ما يحصل من الخلل ومن المنكرات ومما يخل بالدين أو يخل بالاجتماع يبلغ هذا ولا يكتم عنه ولا يحجب عنه لكن ليس معنى ذلك أننا نتكلم في المجالس أو نتكلم على المنابر بسب ولي الأمر وإشاعة الأخطاء أو في الأشرطة أو في الإنترنت ليس هذا من نصيحة ولي الأمر ونصيحة ولي الأمر تبلغ إليه تبلغ إليه شفهياً أو كتابياً ولا تذاع ولا تظهر أمام الناس هذه نصيحة ولي الأمر كذلك من نصيحة ولي الأمر الدعاء له بالصلاح والاستقامة والتوفيق بالقيام بما ولاه الله وليس النصيحة أن ندعو عليه ندعو على ولي الأمر هذا ليس من النصيحة بل هذا ضرر على المسلمين ضرر على الإسلام والمسلمين، تفريق للكلمة، فعلينا أن نتق الله سبحانه وتعالى الله أنعم علينا في هذه البلاد بهذه النعم الثلاث: نعمة التوحيد ولله الحمد، وترك الشرك ظاهراً قد يشرك بعض الأفراد أو بعض الناس خفية أما ظاهراً فالحمد لله البلاد نزيهة من مظاهر الشرك والوثنيات، كذلك نحن نحكم بكتاب الله وبشريعة الله في المحاكم الشرعية (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ)، فهاهو ولله الحمد الحكم بيننا بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر وهذه خصلة ضيعها أكثر العالم الإسلامي اليوم إلا في هذه البلاد ولله الحمد فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له جهاز قائم بأمر ولي الأمر جعل لها هيئة تقوم عليها وعين لها أعضاء من الأكفياء يقومون بهذه المهمة لا نقول إنهم لا يقصرون لا نقول إنهم لا يخطئون ولكن الكلام على وجود هذا الأمر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإن حصل بعض الأخطاء وبعض الخلل أو التقصير فذلك قل أن يسلم منه أحد، فليس النصيحة لولي الأمر ذكر معائبه وشرح ما يحصل منه من الأخطاء هذا من الخيانة لولي الأمر وليس ضرر هذا قاصراً على ولي الأمر بل إنه يتعدى على المجتمع يتعدى على المسلمين وهذا ما يفرح الأعداء نسأل الله العفو والعافية فاتقوا الله عباد الله واشكروا نعمة الله عليكم ولا تكفروها لا تكفروها بالتنكر لها وجحدها لا تكفروها بالتنكر لها وجحدها والمطالبة بأن تكونوا مثل المجتمعات الضائعة التي تنادي بمطالبها من غير روية ومن غير نظام، لا ليست هذه هي الحرية وليس هذا هو الذي يرضاه الله لنا ويرضاه لنا رسوله صلى الله عليه وسلم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) . بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من البيان والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فأستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على فضله وإحسانه وأشكره على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد: أيها الناس قال النبي صلى الله عليه وسلم: يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها قالوا يا رسول الله: أمن قلة نحن يا رسول الله ؟ قال: لا أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل تنزع المهابة من عدوكم ويلقى في قلوبكم الوهن ، قالوا: وما الوهن يا رسول الله ؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت ، إن الأعداء اليوم كما ترون تكالبوا على المسلمين في كل مكان يجتمعون ويعقدون المؤتمرات والاجتماعات للكيد للمسلمين وتشجيع من يشذ من المسلمين على الشذوذ تشجيعه وشد أزره ومدحه يقومون بذلك في مؤتمراتهم وفي تجمعاتهم ويمدون أهل الشقاق يمدونهم بالكلام ويمدونهم بالفعل يريدون أن يشقوا عصا الطاعة للمسلمين وأن يفرقوا جماعتهم وأن يزيلوا نعمتهم لأنهم عدو، (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ)، (قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمْ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ)، (وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمْ الأَنَامِلَ مِنْ الغَيْظِ)، الله وصف لنا أعداءنا وحذرنا منهم ومن الاغترار بهم حذرنا من الاغترار بهم، (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ)، أما نقرأ القرآن لنعرف كيد عدونا لنا، إن الكفار والمنافقين والذين في قلوبهم مرض في الداخل والخارج تآمروا على المسلمين اليوم، ولكن علينا أن نعتصم بكتاب الله وسنة رسوله وأن نستعين بالله وأن نثبت على ديننا وأن نشكر الله على نعمته ونسأله أن يزيدنا من فضله ونتمسك بما أمرنا به الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: وعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار وبقوله: إن أحسن الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة ، علينا أن نتمسك بذلك ولو ضايقنا العالم كله لأننا على طريق صحيح وعلى طريق صواب وحق، لا تهمنا الكلاب النابحة هنا وهناك، لا نغتر بأعدائنا ونقول هذه حرية وهذه مطالب وهذه وهذه، علينا أن نتبع الطريق الصحيح، والإسلام ما قصر في شيء رسم لنا كل شيء رسم لنا الطريق الصحيح لنسير عليه ولا نلتفت إلى ما سواه من الشرق والغرب فاتقوا الله عباد الله اتقوا الله عباد الله، وصلوا وسلموا على نبيكم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كما أمرنا الله بذلك: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وارض اللهم عن خلفائه الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وارزقنا الاقتداء بهم ومحبتهم والسير على منهجهم يا رب العالمين، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم،  اللهم أصلح ولاة أمورنا اللهم أصلح ولاة أمورنا اللهم وفقهم لما فيه صلاحهم وصلاح الإسلام والمسلمين اللهم أعنهم على القيام بمهامهم كما أمرتهم يا رب العالمين اللهم أبعد عنهم بطانة السوء والمفسدين وقرب إليهم أهل الخير والناصحين يا رب العالمين اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين في كل مكان اللهم احفظ علينا أمننا واستقرارنا في ديارنا اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا اللهم قنا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)، فاذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.