إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان 18-01-1439هـ


دروس معالي الشيخ صالح بن فوزان الفوزان

الكتاب:

إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان

التاريخ:

18/1/1439 ه

من قول المؤلف:

 فصل: ومن أبلغ كيد الشيطان وسخريته بالمفتونين بالصور

إلى قول المؤلف:

فصل: ومما ينبغي أن يعلم أنه يقترن بالأيسر إثماً

ملخص الدرس:

قال المؤلف:

"فصل: ومن أبلغ كيد الشيطان وسخريته بالمفتونين بالصور: أنه يمنى أحدهم أنه إنما يحب ذلك الأمرد، أو تلك المرأة الأجنبية لله تعالى، لا للفاحشة، ويأمره بمواخاته. وهذا من جنس المخادنة، بل هو مخادنة باطنة."

ليس المراد بالصور هنا الصور المعروفة، لا، إنما المراد صور الناس وأشكالهم؛ لا سيما النساء والمردان؛ فيزين الشيطان لبعض الناس النظر المحرم بالشهوة؛ ومنهم من يقول: إنه من النظر إلى خلق الله وفيه تقرب إلى الله ومحبة تلك الصور لله؛ وزينهم الشيطان أنه نظر محبةٍ وعبادةٍ، وهو في الحقيقة نظر شهوةٍ ومعصية، ومن اتخاذ الأخدان في الباطن؛ وقد أمر الله بغض البصر: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ [النور: 30-31] فالنظر المحرم خطير جداً؛ ولذلك قيل: نظرة ابتسامة فموعد فلقاء. وهم جعلوا النظر إلى ما حرم الله محبة وطاعة وقربة وأنه من المحبة في الله، وهذا من قلب الحقائق واتخاذ من دون الله طاغوت.

 

قال المؤلف:

"فصل: ثم هم بعد هذا الضلال والغي أربعة أقسام:"

1/ من يعتقد أن هذا لله وهم كثير من العامة وأهل التصوف والترك.

2/ من يعلم في نفسه أنه ليس لله وأنه معصية وخداعاً ومكراً وهم أقرب إلى التوبة والمغفرة من جهة ومن جهة أخرى هم أخبث لعلمهم بالتحريم ثم فعلوه؛ فاشتبه على كثير من العامة أن محبة هذه الصور والنظر إليها محبة عبادة وإنما هي محبة شهوة وفساد والله لا يحب الفساد، إنما يحب الصلاح والطاعة؛ فمن أراد محبة الله فيطعه ويتجنب أسباب الفتن.

3/ "القسم الثالث: مقصودهم الفاحشة الكبرى. فتارة يكونون من أولئك الضالين الذين يعتقدون أن هذه المحبة التي لا وطء فيها لله تعالى، وأن الفاحشة معصية، فيقولون نفعل شيئا لله تعالى، ونفعل أمرا لغير الله تعالى،

4/ وتارة يكونون من أهل القسم الثاني الذين يظهرون أن هذه المحبة لله، وهم يعلمون أن الأمر بخلاف ذلك، فيجمعون بين الكذب والفاحشة، وهم في هذه المخادنة والمواخاة مضاهئون للنكاح، فإنه يحصل بين هذين من الاقتران والازدواج والمخالطة نظير ما يحصل بين الزوجين."

 

فيتدرج بهم الشيطان ويزين لهم ما حرم الله؛ فالنظر سحم مسموم من سحام إبليس، والمحبة لتلك الصور محبة شيطانية؛

ثم يتدرج بهم الشيطان حتى استحسنوا الفواحش ومحبة النساء الأجنبية والمردان وربما يفضلون هذا على نكاح النسوان الشرعي، وربما يزين لهم اللواط؛ وهذا من المحادة لله ورسوله ﷺ؛

ونسبوا جواز ذلك إلى بعض الأئمة كمالك وأبي حنيفة كذباً وبهتاناً؛ فإن اللواط محرم ويوجب قتل فاعله بإجماع الصحابة والعلماء والعقلاء، وإنما اختلفوا في كيفية قتله.

وزين الشيطان لبعضهم هذا الفعل بحيل وشبهات كلها باطلة ومردودة، كما استدل بعضهم بقول الله تعالى ﴿إلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أيْمَانُهُمْ فَإنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ﴾ [المؤمنون: 6] على جواز وطء ذكران العبيد للرجال وللنساء، "كما رفع إلى عمر بن الخطاب امرأة تزوجت عبدها، وتأولت هذه الآية، ففرق عمر رضى الله عنه بينهما، وأدبها، وقال "ويحك، إنما هذا للرجال لا للنساء." أو أنه مباح للضرورة - وقد أرشد رسول الله الشباب إلى الزواج ومن لم يستطع إلى الصوم، أو يجعله مسألة خلاف أو من الصغائر، أو زعم أنه سيتوب بعد فعله؛ وكل هذا من مكائد الشيطان وتدرجه مع العبد كما أن للمعاصي والفواحش درجات بعضها أعظم إثماً من بعض بحسب حال الفاعل – فإن زنا الشيخ أقبح من زنا الشاب؛ لأن ذلك يدل على أن هذا الشيخ يحب الفاحشة بخلاف الشاب الذي قد تغلبه شهوته – ومثل الزنا بحليلة جاره فهو أقبح من الزنا ببعدية الدار؛ أو بحسب المكان (مثل مكة) أو الزمان (مثل رمضان)؛ فمن ابتلي بمعصية فلا يتحدث بها ولا يتظاهر بها، بل يسترها كما ستر الله عليه.

بعض الفوائد من الدرس:

  1. من مكائد الشيطان أنه يزين للشخص النظر المحرم بحجة أنه نظر محبة لله وفي الله وتقرب إليه؛ وإنما هو نظر معصية.
  2. أن المرأة إذا خرجت إلى الأسواق أو تظهر على التلفاز؛ فإن الرجال ينظرون إليها فعليها بالستر والحشمة وألا تخرج إلا لحاجة وبقدر حاجتها، وعليها بالتقوى الله.
  3. أن اللواط محرم قد أجمع الصحابة على حد القتل؛ وإنما اختلفوا في كيفيته.
  4. أن الشيطان يتدرج بالإنسان ويزين له المعاصي بحجج باطلة.
  5. أنه إذا سمعت شيئاً نسب لعالم فعليك أن تتأكد من النقل من كتبهم؛ فإن كثيراً ما نسب إليهم مكذوب عليهم.
  6. أن المعاصي تتفاوت بحسب الأحوال والأمكنة والأزمنة.