العقيدة الطحاوية 12-01-1439هـ


دروس معالي الشيخ صالح بن فوزان الفوزان

الكتاب:

شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي

التاريخ:

1439-01-12هـ

من قول المؤلف:

"قوله: ولا شيء مثله"

إلى قول المؤلف:

"ولهذا يأتي الإثبات للصفات في كتاب الله مفصلاً"

ملخص الدرس:

اتفق أهل السنة على أن الله ليس كمثله شيء لا شبيه له، قال الله تعالى: ﴿فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 74] وقال: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: 11] وهذه الآية تدل على نفي المثل عن الله مطلقاً فلا أحد يشبهه مطلقاً لا في أسمائه ولا في صفاته مع إثبات ما أثبته الله لنفسه وما أثبته له رسوله من الأسماء والصفات على ما يليق به سبحانه وتعالى؛ فليست صفات الله كصفات المخلوق في الحقيقة والكيفية.

 

وإثبات الأسماء والصفات لله لا يقتضي تشبيهه بالمخلوق كما تزعم المعتزلة والأشاعرة وغيرهم من الفرق الضالة من المعطلة، كما أن الحيوانات المخلوقة تختلف فلا يشبه الفيل الفأرة، فكيف بالخالق؟ وكيف يكون إثبات الصفات للخالق تشبيهاً بالمخلوق؟ فكل له صفات تليق به.

 

الآية ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: 11] آية واحدة - وهي نور من الله - فيها رد على طائفتين: رد على الممثلة المشبهة الذين غلوا في إثبات الصفات لله وشبهوه بالمخلوق وهذا نظير النصارى الذين شبهوا المخلوق بالخالق بقولهم: إن المسيح هو ابن الله، ومن المعلوم أن الابن شبيه للوالد؛ وفيها رد على المعطلة (مثل المعتزلة) الذين غلوا في تنزيه الله عن المثل وعطلوا ما أثبته الله لنفسه من الصفات فراراً بزعمهم من التشبيه حيث زعموا أن إثبات الصفات يستلزم التشبيه والتجسيم (وهذا اللفظ لم يرد في الكتاب ولا في السنة).

 

والرد عليهم أن الاشتراك في الاسم والمعنى لا يدل على الاشتراك في الحقيقة والكيفية؛ فإن الله سمى بعض مخلوقاته بالعزيز والحي والمؤمن كما سمى نفسه بالعزيز والحي والمؤمن وإنه وصف بعض مخلوقاته بالعلم والقدرة كما وصف نفسه بالعلم والقوة والقدرة، وليس علم الخالق كعلم المخلوق، ولا حياة الخالق كحياة المخلوق؛ وذكر المؤلف الأدلة على ذلك من الكتاب والسنة؛ فكل له صفات تليق به كما يعرف ذلك كل عاقل.

 

ومن الردود عليهم: أنكم تثبتون لله صفة الوجود وليس وجود الخالق كوجود المخلوق؛ فوجود الخالق واجب قديم أزلي ووجود المخلوق ممكن حادث؛ فإثباتكم الوجود لله يلزم منه إثبات غيرها من الصفات، ومن نفى عن الله ذلك سيقع في التناقض. ووجود المخلوق الحادث يدل على وجود الخالق القديم الأزلي كما قال الله تعالى: ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ﴾ [الطور: 35]

 

وليس الاتفاق في الاسم من باب الاشتراك اللفظي دون المعنى مثل اشتراك الكوكب والمبتاع (المشتري) في اللفظ دون المعنى؛ إنه اشتراك في اسم ومعنى دون الحقيقة والكيفية؛ وفي الدلالات اللفظية والعقلية تفاصيل في الكتاب لم يتعرض لها الشيخ بشرح أو تعليق.

 

وقول المؤلف "ولا شيء يعجزه" أي: لكمال قدرة الله؛ فإن الله على كل شيء قدير؛ فنفي صفة النقص عن الله تعالى،  فلا بد من إثبات كمال ضده معه، وهذا في جميع الصفات المنفية في الكتاب والسنة؛ فمثلاً نفى الله عن نفسه السِّنة والنوم في آية الكرسي لإثبات كمال الحيات والقيوميته؛ لأن النفي المحض بلا إثبات كمال ضده ليس فيه مدح، إنما هو من باب الذم كما في البيت الذي ظاهره المدح ولكن حقيقته الذم:

قُــبــيّـــلــة لا يــغــدرون بــذمـــة       ولا يــظــلــمون الــنــاس حــبّــة خـــردل                         

بعض الفوائد من الدرس:

  1. من عقيدة أهل السنة والجماعة إثبات ما وصف الله به نفسه وما وصفه به رسوله ﷺ بلا تشبيه.
  2. أن إثبات الأسماء والصفات لله لا يلزم منه التشبه بالمخلوق؛ فكل يوصف بما يليق به من الصفات.
  3. أن الآية ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: 11] آية عظيمة بليغة يرد بها على المشبهة والمعطلة
  4. أن من أثبت لله صفة من الصفات مثل الوجود لزمه أن يثبت لله جميع الصفات الواردة على ما  يليق بجلالته
  5. أن الاشتراك بين بعض  أسماء الله وصفاته وبين بعض أسماء المخلوقات وصفاتهم اشتراك في اسم ومعنى لا في الحقيقة والكيفية
  6. أن نفي صفة نقص عن الله يدل على إثبات كمال ضده
  7. المراد (بغلام عليم): إسحاق و (بغلام حليم): إسماعيل
  8. لا يقال: إن الله على ما يشاء قدير ولكن يقال: إن الله على كل شيء قدير
  9. على المسلم أن يتعلم دعاء الاستخارة ويدعو بها عند الأمور المبهمة المهمة بعد أن يصلى ركعتين من غير فريضة

 بعض من أهم الفتاوى المتعلقة بالدرس:

س/ هل صحيح ما يقرره بعض أهل العلم من أن الله لم ينف التشبيه وإنما نفى التمثيل؛ لأن التشبيه حاصل في أصل الصفة؟

ج/ هذا كلام لا مفهوم له، التشبيه والتمثيل معنى واحد، ليس بينهما فرق؛ التشبيه هو التمثيل والتمثيل هو التشبيه لا فرق بينهما. 

س/ وصف الله بأنه قديم أو أنه أزلي هل هذا وصف وارد؟

ج/ هذا إخبار وليس وصفاً. يخبر عن الله بأنه قديم أزلي. ما تقول قديم فقط؛ فإنه أزلي لا بداية له سبحانه وتعالى، ولكن الله سمى نفسه بالأول، الرسول سمى الله الأول، "أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر ليس بعدك شيء"،  بدلاً القديم يقال: الأول.

س/ هل يجوز نفي الجسم عن الله عز وجل؟

ج/ الجسم لا يثبت ولا ينفى؛ لأنه لم يرد في الكتاب ولا في السنة.