شرح عمدة الفقه لابن قدمة 06-05-1437هـ


( بَابُ الأَمَانِ )
وَمَنْ قَالَ لِحَرْبِيِّ : قَدْ أَجَّرْتُكَ أَوْ أَمَّنْتُكَ ، أَوْ لَا بَأْسَ عَلَيْكَ، وَنَحْوَ هَذَا ؛ فَقَدْ أَمَّنَهُ .
 وَيَصِحُّ الأَمَانُ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ ، عَاقِلٍ مُخْتَارٍ، حُرًا كَانَ أَوْ عَبْدًا رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - / : " الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ " .
وَيَصحُّ أَمَانُ آحَادِ الرَّعِيَّةِ لِلْجَمَاعَةِ الْيَسِيرَةِ ، وَأَمَانُ الأَمِيرِ لِلْبَلَدِ الَّذِي أُقِيمَ بِإِزَائِهِ ، وَأَمَانُ الإِمَامِ لِجَمِيعِ الْكُفَّارِ ، وِمِنِ دَخَلَ دَارَهُمْ بِأَمَانِهِمْ فَقَدْ أَمَّنَهُمْ مِنْ نَفْسِهِ .
وَإِنْ خَلَّوْا أَسِيرًا مِنَّا بِشَرْطِ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِمْ مَالًا مَعْلُومًا ، لَزِمَهُ الْوَفَاءُ لَهُمْ .
فَإِنْ شَرَطُوا عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ إِلَيْهِمْ ، إِنْ عَجَزَ عَنْهُ لَزِمَهُ الْعَوْدُ ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ امْرَأَةً فَلَا تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ .
_____________________________
( فَصْلٌ )
وَتَجُوزُ مُهَادَنَةُ الْكُفَّارِ ، إِذَا رَأَى الإِمَامُ الْمَصْلَحَةَ فِيهَا .
وَلَا يَجٌوزُ عَقْدُهَا إِلَّا مِنَ الإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ ، وَعَلَيْهِ حِمَايَتُهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، دُونَ أَهْلِ الْحَرْبِ  .
وَإِنْ خَافَ نَقْصَ الْعَهْدِ مِنْهُمْ نَبَذَ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ .
وَإِنْ سَبَاهُمْ كُفَّارٌ آخَرُونَ ،لَمْ يَجُزْ لَنَا شِرَاؤُهُمْ .
وَتَجِبُ الْهِجْرَةُ عَلَى مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إِظْهَارِ دِينِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ ، وَتُسْتَحَبُّ لِمَنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ .
وَلَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا قُوتِلَ الْكُفَّارُ ، إلَّا مِنْ بَلَدٍ بَعْدَ فَتْحِهِ .
_____________________________
( بَابُ الْجِزْيَةِ )
وَلَا تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ إِلَّا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، وَهُمُ الْيَهُودُ وَمَنْ دَانَ بِالتَّوْرَاةِ ، وَالنَّصَارَى وَمَنْ دَانَ بِاِلإِنْجِيلِ ، وِالْمَجُوسُ إِذَا الْتَزَمُوا أَدَاءَ الْجِزْيَةِ وَأَحَكَامَ الْمِلَّةِ .
وَمَتَى طَلَبُوا ذَلِكَ ، لَزِمَ إِجَابَتُهٌمْ ، وَحَرُمَ قِتَالُهُمْ .
وَتُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ فِي رَأْسِ كُلِّ حَوْلٍ ؛ مِنْ الْمُوسِرِ ثَمَانِيَةٌ / وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَمَنَ الْمُتَوَسِّطِ أَرْبَعَةٌ وَعُشْرُونَ ، وَمِمَّنْ دُونَهُ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا .
وَلَا جِزْيَةُ عَلَى صَبِيٍّ، وَلَا امْرَأَةٍ، وِلَا شَيْخٍ فَانٍ، وَلَا زَمنٍ، وَلَا أَعْمَى، وَلَا عَبْدٍ، وَلَا فَقِيرٍ عَاجِزٍ عَنْهَا.
وَمَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ وُجُوبِهَا ، سَقَطَتْ عَنْهُ .
وَإِنْ مَاتَ ، أُخِذَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ .
وَمَنِ اتَّجَرَ مِنْهُمْ إِلَى غَيْرِ بَلَدِهِ ، ثُمَّ عَادَ أُخِذَ مِنْهُ نِصْفُ الْعُشْرِ .
وَإِنْ دَخَلَ إِلَيْنَا تَاجِرٌ حَرْبِيٌّ ، أُخِذَ مِنْهُ الْعُشْرُ .
وَمَنْ نَقضَ الْعَهْدَ بِامْتَنَاعِهِ مِنِ الْتِزَامِ الْجِزْيَةِ أَوْ أَحْكَامِ الْمِلَّةِ ، أَوْ قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِهِ ، أَوْ الْهَرَبِ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ ، حَلَّ دمُهُ وَمَالُهُ .
وَلَا يَنْتَقِضُ عَهْدُ نِسَائِهِ وِأَوْلَادِهِ بِنَقْضِهِ إِلَّا أَنْ يَذْهَبَ بِهِمْ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ .
_____________________________
( كِتَابُ الْقَضَاءِ )

وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ ، يَلْزَمُ الإِمَامَ نَصْفُ مَنْ يُكْتَفَي بِهِ فِي الْقَضَاءِ .
 وَيَجِبُ عَلَى مَنْ يَصْلُحُ لَهُ - إِذَا طُلِبَ وَلَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ – الإِجَابَةُ إلَيْهِ، وَإِنْ وُجِدَ غَيْرُهُ، فَالأَفْضَلُ تَرْكُهُ.
وَمَنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ رَجُلًا ، سَمِيعًا ، بَصِيرًا ، حُرًّا ، مُسْلِمًا ، مُتَكَلِّمًا ، عَدْلًا ، عَالِمًا .
وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ رِشْوَةً، وَلَا هَدِيَةً مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ يُهْدِي إِلَيْهِ ، وَلَا الْحُكْمُ قَبْلَ مَعْرِفَةِ الْحَقِّ ، فِإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ ، شَاوِرَ فِيِهِ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالأَمَانَةِ .
وَلَا يَحْكُمُ وَهُوَ غَضْبَانُ، وَلَا فِي حَالٍ يَمْنَعُ اسْتِيفَاءَ الرَّأْيِ .
وَلَا يَتَّخِذُ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ بَوَّابًا .
وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْعَدْلُ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِ ، وَالْمَجْلِسِ ، وِالْخِطَابِ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ