شرح كتاب التوحيد 29-03-1437هـ


المقدِّم: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى قَائْدُ الغَّرُ المحَجَلِيْن نَبِيِّنَا مُحَمَّدُ وَعَلَىْ آَلِه وَصَحَبِه أَجْمَعِيْن.
مرحبًا بكم أيها الأخوة والأخوات في درسٍ من دروس التوحيد للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-، ضيف هذا الدرس هوفضيلة الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء،أهلًا ومرحبًا بالشيخ صالح في هذا اللقاء.
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم .
المقدِّم: كنَّا في المسائل المتعلقة في باب ما جاء في التنجيم؛ وعرفنا في ذكر الخلاف في تعلم المنازل وبقي من المسائل الوعيد فيمن صدق شيءٍ من السحر وعرف أنه باطل.
الشيخ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وأصَحْابِهِ أَجْمَعِينَ.
نعم في هذا الوعيد الشديد لمن يصدق السحر ولو عرف أن السحر باطل، فلا يصدق به، وإنما يعتبره باطلًا، وأنه من أكبر الكبائر لما فيه من التأثيرعلى عقيدة المسلم، ولو عرف أنه باطل، إذا صدق السحرة وصدق بالسحر ولو عرف أنه باطل فإنه يتناوله الوعيد، وأنه لا يدخل الجنة، فهذا فيه التنفير من علم السحر والتصديق به.
السؤال: فضيلة الشيخ؛ هل التنجيم نوعٌ واحدٌ أم عدة أنواع؟
الجواب: التنجيم الذي هو نسبة الحوادث الأرضية إلى الأحوال الفلكية؛ نوعٌ واحدٌ هو الذي يُسَّمى التنجيم، أمَّا معرفة منازل الشمس والقمر وعلم الحساب هذا لا يُسَّمى تنجيمًا.
السؤال: جزاكم الله خيرًا يا شيخ التوجيه الذي ترونه في بعض الناس الذين يتابعون بعض المجلات الهابطة التي تضع مثلًا: زوايةً بعنوان: "حظك مع النجوم" أو "حظك اليوم"
الجواب: هذا من النوع الباطل؛ لا يجوز، لا يجوز النظر في هذه الزوايا، التي تُنشر في بعض المجلات ويُستدل بها على الحظوظ والنحوس! هذا تهكمٌ على القضاء والقدر! فإن الحظ أوالنحس بقضاء الله وقدره، ولا أحد يطلع على هذا، لأنه من علم اللهِ -جلَّ وَعَلاَ-، فلا يجوز التصديق بما يُنشر في هذه الزوايا الباطلة، من علم الحظوظ وما أشبه ذلك، والذين يكتبون هذه الزوايا هم من المُنْجِمين أو من السحرة فلا يجوز النظر في عملهم هذا بل يُعتقد أنه باطل، والواجب أن تُمنع المجلة من نشر مثل هذا إذا كانت تصدر من بلاد المسلمين.
السؤال: ذكرتم في الشرح يا شيخ صالح -حفظكم الله- الفرق بين علم التسيير وعلم التأثير؛ نريد أن نعرف الفرق بينهما؟
الجواب: علم التسيير هو: معرفة الحساب، وأمَّا علم التأثير فهو: الإعتقاد بأن هذه النجوم تؤثر في هذا الكون؛ بينهما فرق.
السؤال: من إعتقد أن هذا سببٌ لحصول الخير والشر؟
الجواب: من إعتقد أن هذه النجوم سبب؟
السؤال: نعم
الجواب: وأمَّا المؤثر فهو الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وإنما هذه أسباب؛ هذا باطل، وهذا شرك أيضًا، شركٌ أصغر لأن الله لم يجعلها أسبابًا للنحوس ولا للسعادة .
السؤال: قَالَ قَتَادَةُ؛ من هو قَتَادَةُ هذا يا فضيلة الشيخ؟
الجواب: قَتَادَةُ بْنُ دِعَامَةَ من كبار التابعين.
المتن: يقول: وَكَرِهَ قَتَادَةُ تَعَلُّمَ مَنَازِلَ الْقَمَرِ،
الشرح: لأنه يجر إلى علم التأثير، ولكن الصحيح أنه غير مكروه، وكره عند السَّلف حرّم يعني، ويُحرّم هذا من باب الاحتياط للعقيدة، والاحتياط للدين.
السؤال: الشيخ صالح بعض الناس يعتقد أن تعلم المنازل، منازل القمر أقصد فيه فائدة؟
الجواب: هو كذلك نعم، تعلُّم المنازل، منازل القمر وبروج الشمس من باب الحساب لا بأس بذلك، لما فيه من الفوائد.
السؤال: صلة الرحم يا شيخ، بمَ تكون؟
الجواب: صلة الرحم تكون: بالإنفاق على الرحم إذا كان محتاجًا، تكون صلة الرحم بالهدية للرحم لتطييب خاطره، تكون بالسَّلام عليه وزيارته، أنواع، صلة الرحم أنواع.
السؤال: أحسن الله إليكم، هل صلة الرحم يا شيخ،  حقٌ لله، أم هي حقٌ للمخلوق؟
الجواب: حقٌ للمخلوق، والله هو الذي أوجبها، حقًا للمخلوق.
السؤال:  في هذه الأسئلة نسأل عن علاقة السحر بباب التنجيم؟
الجواب: لأن التنجيم نوعٌ من السِّحر، كما يأتي.
السؤال: في قوله يا شيخ: « ثَلاثَةٌ لا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ»، ما وجه الحِصار بهذا العدد؟
الجواب: من باب التحذير من هذه الجرائم الثلاث، والوعيد وارد في حق غيرهم من أصحاب الجرائم أيضًا زيادة.
السؤال: يا شيخ بعض الفرق كالمعتزلة، تأخذ بنصوصِ الوعيد يا شيخ صالح؟
الجواب: هم الوعيديَّة، الذين يُغلِّظون في الجرائم، ويكفِّرون، وقد يكفرون صاحب الكبيرة، ويتشدَّدون في أمور الدين، هذا من باب التشدُّد، ومن باب الغلو في الأحكام، كما أن هناك من يتساهل وهم المرجئة، المرجئة يتساهلون في الذنوب والمعاصي، ويقولون: لا يضر مع الإيمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة، هذا قولٌ، نعم لا ينفع مع الكفر طاعة، لا ينفع فعل المعصية مع الإيمان، هذا من باب الوعيد، الوعيديَّة، لا يضر مع الكفر معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة، لا ينفع مع الكفر طاعة صحيح، لكن لا يضر مع الإيمان معصية، هذا غلط، قد يكون الإنسان مؤمن، وتصدر منه معصية وتضره، ويناله العذاب بها وهو مؤمن، بقدر معصيته.
السؤال: يا شيخ قبل أن ندخل في باب ما جاء في الاستسقاء بالنجوم، نود أن نختم هذا اللقاء في باب ما جاء في التنجيم، لعلكم تختمون هذا الدرس.
الشيخ: نختم هذا الدرس بالنصيحة للمسلمين أن يحرصوا على صيانة عقيدتهم من مثل هذه الأمور، وهذه العقائد الفاسدة، والنجوم، وأن يتوكلوا على الله –سبحانهُ وتعالى-، وأن يعتقدوا أن الله هو الضَّار النَّافع، وأن ما أرادهُ وقضاهُ فلابدّ أن يقع، فيجب الإيمان بهذا، ويجب على المسلم أن يبني دينه على هذا، على عقيدة الإيمان بالقضاء والقدر، والخوف من المعاصي، من غير غلوٍ فيها أنها تُكفِّر، وأنها، الخوف من المعاصي، وعدم التَّساهل في شأنها كما عند المرجئة، فلا تشدُّد في أمر المعاصي، اعتقاد بأنها كفر، وأن صاحبها مخلّدٌ في النار، ولا تساهُل فيها، اعتقاد أنها لا تضر، بل المسلم يكون في الوسط، وسط بين الطائفتين، يعتقد أن المعاصي تضر، ولكنها لا تُخرج من الملَّة، إلا إذا كانت كفرًا، أو شركًا بالله -عَزَّ وَجَلْ-.

المقدِّم: شكر الله لكم يا فضيلة الشيخ صالح على ما بينتم لنا هذا الدرس المبارك، من دروس التوحيد للإمام المجدِّد محمد بن عبد الوهاب-رحمه الله تعالى-.