كلمة عن خسوف القمر


بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

ما حصل من هذا الكسوف آية من آيات الله- عز وجل- كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما كسفت الشمس في عهده صلى الله عليه وسلم يوم مات ابنه إبراهيم فقال الناس: كسفت الشمس لموت إبراهيم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم منهما ذلك فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم" يخوف الله بها عباده، يخشى أنها إذا كسفت لا يعود إليها النور تقوم الساعة؛ لأنه لا يعلم وقت قيام الساعة إلا الله سبحانه وتعالى، لا يعلمها ملك مقرب ولا نبي مرسل، لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، وهي متوقعة في كل وقت وفي كل حين، "إن الشَّمس والقمر آيتان يخوف الله بها عباده فإذا رأيتم منهما ذلك- يعني هذا التغير- فصلُّوا وادعُوا حتى ينكشف ما بكم" كيف نصلي؟ نصلي كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الكسوف، كل قيام بركعتين، يكبر ثم يقرأ قراءة طويلة، قرأ صلى الله عليه وسلم نحوًا من سورة البقرة، قرأها في النَّهار، كان يسر في النهار، لكن قدروه بمقدار سورة البقرة، يدل على أنه قيام طويل، ويركع ركوعًا نحوًا من قيامه، ثم يرفع ويقرأ الفاتحة، ثم يقرأ بعدها إلا أنه دون القيام الأول ودون القراءة الأولى، ثم يسجد سجدتين، ثم يقوم للثانية ويعمل كما عمل في الركعة الأولى ثم يسلم، هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم، "صلُّوا وادعُوا حتى ينكشف ما بكم" فهذا الحدث حدث للشمس والقمر يدل على عظمة الله وقدرته، كيف هذان الكوكبان العظيمان يحدث لهما ذلك؟ يذهب نورهما ويغطى، هذه قدرة الله سبحانه وتعالى الذي خلقهما وأوجدهما ونوَّرهما قادر على أن يجري عليهما، وفي هذا دليل على بطلان عبادة الشمس والقمر، ولهذا قال سبحانه: (ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهنَّ إن كنتم إيَّاه تعبدون).

فصلاة الكسوف سنة مؤكدة، بعض العلماء يرى وجوبها لكن الجمهور على أنها سنة، وهي آكد التطوع، آكد صلاة التطوع الكسوف، فهذه عبادة عظيمة في هذه المناسبة: تضرع إلى الله ودعاء وقراءة قرآن وركوع وسجود حتى يذهب الله عن الشمس والقمر ما حصل لهما، ويُخشى أن تكون الساعة، يخشى أنها تنكسف ولا يعود إليها نورها، تقوم القيامة، ولهذا خرج صلى الله عليه وسلم يجر رداءه يخشى أن تكون الساعة، فيحدث للمسلمين خوفٌ عند حدوث الكسوف والخسوف، ولهذا يدعون الله ويتضرعون إليه، ويركعون ويسجدون له سبحانه وتعالى حتى يُذهِب الله ذلك عنهم وهو القادر على كل شيء، فهذه الصلاة-صلاة الكسوف- سنة مؤكدة، هي أعظم وآكد السنن، وآكد صلاة التطوع، آكدها كسوف، ثم استسقاء، ثم تراويح، ثم وتر، هذه آكد صلوات التطوع، فهي عبادة عظيمة، وهي ترقق القلوب، وتخوف العباد، وتقربهم من ربهم سبحانه وتعالى، والحمد لله لا تزال هذه السنة قائمة، يقيمها المسلمون في هذه المناسبة؛ محافظة على سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ودعاء لله بأن يُذهِب عنهم ما أصابهم، والله قريبٌ مجيب سبحانه وتعالى، ما يلجئون إلاَّ إلى الله: (وإذا مسكم الضُّرُّ في البحر ضلَّ من تدعون إلَّا إيَّاهُ) فلا يُدعَى إلاَّ الله عند الشدائد وعند الكربات. (أمَّن يُجِيبُ المضطرَّ إذا دَعَاهُ ويكشفُ السُّوءَ). هذا الله سبحانه وتعالى هو القادر، والله يذكر عباده بهذه الآيات والحوادث، يذكرهم من أجل أن تلين قلوبهم، من أجل أن يرجعوا إلى ربهم، من أجل أن يدعوه ليستجيب لهم. (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) فالحمد لله إحياء هذه السنة عند هذه المناسبة إحياؤها عبادة عظيمة، نسأل الله أن يتقبَّل منا ومنكم صالح الأعمال والأقوال، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

 

كلمة عن خسوف القمر 15-11-1438هـ